83
إدانـة يسـوع
متى 26، 27؛ يوحنا 18 ،19
أصدقائي المستمعين ..
نحيِّيكم باسم الله ، رب السلام ، الذي يريد أن يفهم الجميع طريق البرِّ الذي
أسَّسه ، وأن يخضعوا لهذا الطريق ، فيكون لهم سلامٌ حقيقيٌّ معه إلى الأبد. يسعدنا
أن نكون معكم مرةً ثانية اليوم ، لنقدِّم لكم حلقة أخرى من برنامجكم .. ‘‘طريق
البر’’!
في رحلتنا عبر الكتب المقدسة، رأينا كيف أعلن أنبياء الله خطة الخلاص التي وضعها
الله؛ ليخلِّص الخطاة من العقاب الأبدي.
ولكن، .. ما هي خطة الخلاص هذه؟
إنها موت المسيَّا على الصليب. فقد شهد أنبياء الله أن المسيَّا البار لابد وأن
يموت، ويسفك دمه من أجل الفجار، محتمِلاً من أجلنا عقاب خطايانا، مثل خروف الذبيحة
البريء. هذه كانت الطريقة الوحيدة التي يستطيع بها الله أن يغفر لنا خطايانا، ويحكم
علينا أننا أبرار، دون المساس ببرِّه وعدله.
وفي دراستنا التاريخية للكتب المقدسة، فإننا نقترب من أهم قصة على الإطلاق، ألا وهي
القصة التاريخية لموت المسيَّا وقيامته. وبإذن الله، سنرى اليوم وفي الحلقات
المقبلة، كيف قدَّم المسيَّا يسوع حياته؛ ليحمل خطايا العالم.
في حلقتنا السابقة، رأينا أن رؤساء الكهنة اشتروا لأنفسهم خائناً؛ ليقودهم إلى مكان
يسوع وتلاميذه. ورأينا أنهم ألقوا القبض على يسوع، وقيَّدوه، ومضوا به.
إن هذا حقاً لعجيب ..!
.. لماذا سمح يسوع، الذي كان مملوءاً بقوة الله، أن يمسكه أعداؤه؟
لقد سمح يسوع بذلك، كي يتمِّم كتب الأنبياء، الذين تنبأوا أن المسيَّا لا بد أن
يتألم ويموت ويقوم من الأموات في اليوم الثالث، حتى كل من يؤمن به، ينال غفران
الخطايا. تماماً كما تنبأ الأنبياء، فإن المسيَّا سيكون ‘‘مثل شاة تُساق إلى
الذبح.’’ (إشعياء 7:53)
والآن دعونا نستمر في قراءتنا للإنجيل؛ لنرى ما حدث في تلك الليلة المظلمة، بعد ما
ألقى الحكَّام الدينيين القبض على يسوع.
.. يقول الكتاب:
‘‘فمضوا بيسوع إلى رئيس الكهنة، فاجتمع معه جميع رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة.
وكان بطرس قد تبعه من بعيد إلى داخل دار رئيس الكهنة، وكان جالساً بين الخدام
يستدفئ عند النار.
‘‘وكان رؤساء الكهنة والمجمع كله يطلبون شهادة على يسوع ليقتلوه، فلم يجدوا. لأن
كثيرين شهدوا عليه زوراً، ولم تتفق شهاداتهم. ثم قام قومٌ، وشهدوا عليه زوراً
قائلين: نحن سمعناه يقول: إني أنقض هذا الهيكل المصنوع بالإيادي، وفي ثلاثة أيام
أبني آخر غير مصنوع بأيادٍ. ولا بهذا كانت شهاداتهم تتفق. فقام رئيس الكهنة في
الوسط، وسأل يسوع قائلاً: أما تجيب بشيء؟ ماذا يشهد به هؤلاء عليك؟ أما هو فكان
ساكتاً، ولم يُجِب بشيء. فسأله رئيس الكهنة أيضاً وقال له: أأنت المسيح ابن
المبارك؟ فقال يسوع: أنا هو. وسوف تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة، وآتياً
في سحاب السماء. فمزَّق رئيس الكهنة ثيابه وقال: ما حاجتنا بعد إلى شهود. قد سمعتم
التجاديف. ما رأيكم؟ فالجميع حكموا عليه أن مستوجب الموت. فابتدأ قومٌ يبصقون عليه،
ويغطُّون وجهه، ويلكمونه ويقولون له: تنبأّ (من لطمك)! وكان الخدَّام يلطمونه.
‘‘وبينما كان بطرس في الدار أسفل، جاءت إحدى جواري رئيس الكهنة. فلما رأت بطرس
يستدفئ، نظرت إليه وقالت: وأنت كنت مع يسوع الناصري. فأنكر قائلاً: لستُ أدري، ولا
أفهم ما تقولين! وخرج خارجاً إلى الدهليز، فصاح الديك. فرأته الجارية أيضاً،
وابتدأت تقول للحاضرين: إن هذا منهم! فأنكر أيضاً. وبعد قليل أيضاً قال الحاضرون
لبطرس: حقاً، أنت منهم؛ لأنك جليلي أيضاً، ولغتك تشبه لغتهم. فابتدأ يلعن ويحلف:
إني لا أعرف هذا الرجل الذي تقولون عنه! وصاح الديك مرة ثانية. فتذكَّر بطرس القول
الذي قاله له يسوع، "إنك قبل أن يصيح الديك مرتين، تنكرني ثلاث مرات." فلما تفكَّر
به، بكى!’’ (مرقس 53:14-72)
‘‘ولما كان الصباح، تشاور جميع رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب على يسوع حتى يقتلوه.
فأوثقوه ومضوا به، ودفعوه إلى بيلاطس البنطي الوالي. حينئذ، لمَّا رأى يهوذا الذي
أسلمه أنه قد دِين، ندم وردَّ الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنة والشيوخ، قائلاً:
قد أخطأت إذ سلَّمت دماً بريئاً. فقالوا: ماذا علينا؟ أنت أبصر! فطرح الفضة في
الهيكل، وانصرف. ثم مضى، وخنق نفسه.’’ (مت 1:27-5)
‘‘ثم جاءوا بيسوع من عند قيافا إلى دار الولاية. وكان صبحٌ. ولم يدخلوا هم إلى دار
الولاية؛ لكي لا يتنجَّسوا، فيأكلون الفصح. وخرج بيلاطس إليهم، وقال: أية شكاية
تقدِّمون على هذا الإنسان؟ أجابوا وقالوا له: لو لم يكن فاعلَ شرٍ، لَما كنَّا قد
سلَّمناه إليك. فقال لهم بيلاطس: خذوه أنتم، واحكموا عليه حسب ناموسكم. فقال له
اليهود: لا يجوز لنا أن نقتل أحداً. (ليتمَّ قول يسوع الذي قاله مشيراً إلى أيَّةِ
ميتةٍ كان مزمِعاً أن يموت.)
‘‘ثم دخل بيلاطس أيضاً إلى دار الولاية، ودعا يسوع وقال له: أنت ملك اليهود! أجابه
يسوع: أمن ذاتك تقول هذا، أم آخرون قالوا لك عني؟ أجابه بيلاطس: ألعلِّي أنا يهودي؟
أُمَّتك ورؤساء الكهنة أسلموك إليَّ. ماذا فعلت؟ أجاب يسوع: مملكتي ليست من هذا
العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم، لكان خدَّامي يجاهدون؛ لكي لا أسلَّم إلى
اليهود. ولكن الآن، ليست مملكتي من هنا. فقال له بيلاطس: أفأنت إذاً ملكٌ؟ أجاب
يسوع: أنت تقول إني ملك. لهذا قد وُلِدت أنا، ولهذا قد أتيت إلى العالم، لأشهد
للحق. كل من هو من الحق، يسمع صوتي. قال له بيلاطس: ما هو الحق؟ ولما قال هذا، خرج
أيضاً إلى اليهود، وقال لهم: أنا لست أجد فيه علَّةً واحدة.’’
(يوحنا 28:18-38)
‘‘فكانوا يشدِّدون قائلين: إنه يهيِّج الشعب، وهو يعلِّم في كل اليهودية مبتدئاً من
الجليل إلى هنا. فلمَّا سمع بيلاطس ذِكْر الجليل، سأل: هل الرجل جليلي؟ وحين علم
أنه من سلطنة هيرودس، أرسله إلى هيرودس، إذ كان هو في تلك الأيام في أورشليم.
‘‘وأما هيرودس فلما رأى يسوع، فرح جداً؛ لأنه كان يريد من زمان طويل أن يراه،
لسماعه عنه أشياء كثيرة، وترجَّى أن يرى آيةً تُصنَع منه. وسأله بكلام كثير، فلم
يُجِبْه بشيء. ووقف رؤساء الكهنة والكتبة يشتكون عليه باشتداد. فاحتقره هيرودس مع
عسكره، واستهزأ به، وألبسه لباساً لامعاً، وردَّه إلى بيلاطس. فصار بيلاطس وهيرودس
صديقين مع بعضهما في ذلك اليوم؛ لأنهما كانا من قبل في عداوة بينهما.
‘‘فدعا بيلاطس رؤساء الكهنة والعظماء والشعب، وقال لهم: قد قدَّمتم إليَّ هذا
الإنسان كمن يفسد الشعب. وها أنا قد فحصت قدَّامكم، ولم أجد في هذا الإنسان علَّةً
مما تشتكون به عليه. ولا هيرودس أيضاً. لأني أرسلتكم إليه. وها لا شيء يستحق الموت
صُنِع منه.’’
(لوقا 5:23-15)
.. ‘‘لكم عادة أن أطلق لكم واحداً في الفصح. أفتريدون أن أطلق لكم ملك اليهود؟
فصرخوا أيضاً جميعهم قائلين: ليس هذا، بل باراباس. وكان باراباس لصاً.’’
(يوحنا 39:18-40)
.. ‘‘وكان باراباس قد طُرِح في السجن لأجل فتنةٍ حدثت في المدينة وقتلٍ. فناداهم
أيضاً بيلاطس، وهو يريد أن يطلق يسوع. فصرخوا قائلين: اصلبه اصلبه! فقال لهم ثالثة:
فأيُّ شرٍ عمل هذا. إني لم أجدْ فيه علَّةً للموت. فأنا أؤدبه وأطلقه.’’ (لوقا
19:23-22)
.. ‘‘فحينئذٍ، أخذ بيلاطس يسوع وجَلَده. وضفَّر العسكر إكليلاً من شوكٍ، ووضعوه على
رأسه، وقصبة في يمينه، وألبسوه ثوب أرجوان. وكانوا يقولون: السلام يا ملكَ اليهود.
وكانوا يلطمونه.’’ (يوحنا 1:19-3)
.. ‘‘وبصقوا عليه، وأخذوا القصبة، وضربوه على رأسه.’’ (متى 30:27)
‘‘فخرج بيلاطس أيضاً خارجاً، وقال لهم: ها أنا أخرجه إليكم، لتعلموا إني لستُ أجد
فيه علَّةً واحدة. فخرج يسوع خارجاً، وهو حامل إكليل الشوك وثوب الأرجوان. فقال لهم
بيلاطس: هوذا الإنسان. فلما رآه رؤساء الكهنة والخدَّام، صرخوا قائلين: اصلبه
اصلبه! فقال لهم بيلاطس: خذوه أنتم واصلبوه؛ لإني لستُ أجد فيه علَّةً. أجابه
اليهود: لنا ناموسٌ، وحسب ناموسنا يجب أن يموت، لأنه جعل نفسَه ابن الله.
‘‘فلما سمع بيلاطس هذا القول، ازداد خوفاً. فدخل أيضاً إلى دار الولاية، وقال
ليسوع: من أين أنت؟ وأما يسوع، فلم يعطه جواباً. فقال له بيلاطس: أما تكلِّمني؟
ألست تعلم أني لي سلطان أن أصلبك، وسلطان أن أطلقك؟ أجاب يسوع: لم يكن لك عليَّ
سلطانٌ البتَّة، لو لم تكن قد أُعطِيت من فوق. لذلك الذي أسلمني إليكَ، له خطية
أعظم! من هذا الوقت، كان بيلاطس يطلب أن يطلقه، ولكن اليهود كانوا يصرخون قائلين:
إن أطلقت هذا، فلستَ محباً لقيصر! كل من يجعل نفسه ملكاً، يقاوم قيصر!’’ (يوحنا
1:19-12)
‘‘فلما رأى بيلاطس أنه لا ينفع شيئاً، بل بالحري يَحدُث شغبٌ، أخذ ماءً وغسل يديه
قدَّام الجمع قائلاً: إني بريء من دم هذا البار. أبصروا أنتم. فأجاب جميع الشعب
وقالوا: دَمُه علينا وعلى أولادنا.’’ (متى 24:27-25)
.. ‘‘وبيلاطس، إذ كان يريد أن يعمل للجمع ما يرضيهم، أطلق لهم باراباس، وأسلم يسوع
.. ليُصلَب!’’ (مرقس 15:15)
وهكذا، حدثت جميع الأحداث التي تنبَّأ عنها إشعياء النبي قبل ذلك بنحو سبعمئة عام،
عندما كتب عن المسيَّا يقول:
‘‘ظُلِمَ، أما هو فتذلَّل ولم يفتح فاه، كشاةٍ تساق إلى الذبح، وكنعجةٍ صامتةٍ أمام
جازِّيها، فلم يفتح فاه.’’ (إشعياء 7:53)
وكتب إشعياء أيضاً كلمات المسيَّا هذه:
‘‘بذلْتُ ظهري للضاربين، وخدَّيَّ للناتفين. وجهي لم أستُرْ عن العارِ والبَصْق.’’
(إشعياء 6:50)
واليوم، .. رأينا كيف تمَّم قادة الدين اليهود كتابات الأنبياء، عندما ظلموا
المسيَّا القدوس البار، وألَّموه وحكموا عليه بالموت.
ولكن، .. لماذا حكموا عليه بالموت؟
لقد فعلوا هذا؛ لأنهم لم يحتملوا نور الحق. فقد كان يسوع يقول لهم الحق، وهذا الحق
كشف رياءَهم وشرِّهم. يسوع نفسه كان هو الحق! لقد جاء النور إلى العالم، ولكن الناس
فضَّلت الظلمة، لأن أعمالها كانت شريرة. ولمَّا كان نسل آدم لا يستطيعون إحتمال
النور، فقد كان الحل الوحيد أمامهم هو أن يطفئوه. هذا هو ما يعلنه الكتاب المقدس،
إذ يقول:
‘‘والنور يضيء في الظلمة، والظلمة لم تدركه .. الذي لم يعرفه أحد من عظماء هذا
الدهر، لأنهم لو عرفوا، لما صلبوا رب المجد .. كان (الرب يسوع المسيح) في العالم،
وكُوِّن العالم به، ولم يعرفْه العالم. إلى خاصَّته جاء، وخاصَّته لم تقبلْه. وأما
كل الذين قبلوه، فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه.’’ (يو
5:1؛ 1كو 8:2؛ يو10:1-12)
أصدقائي المستمعين ..
نشكركم على كريم إصغائكم!
كونوا معنا في الحلقة القادمة؛ لنرى كيف تمَّم نسل آدم الكلمات التي كتبها النبي
داود في المزامير عن المسيَّا، عندما قال:
‘‘ثقبوا يديَّ ورجليَّ.’’ (مز 16:22)
وليبارككم الله، وأنتم تتأمَّلون فيما كتبه النبي إشعياء عن آلام المسيَّا قبلها
بزمان طويل، عندما قال:
‘‘ظُلِم، أما هو فتذلَّل ولم يفتح فاه، ..
.. كشاةٍ تساق إلى الذبح، وكنعجةٍ صامتةٍ أمام جازِّيها، .. فلم يفتح فاه!’’
(إشعياء 7:53)
ــــــــــــ
الدرس الرابع والثمانون | فهرس دراسات طريق البِرّ | المكتبة | الصفحة الرئيسية