66
المعلِّم الأعظـم
متى 5-7
أصدقائي المستمعين ..
نحييكم باسم الله ، رب السلام ، الذي يريد أن يفهم الجميع طريق البر الذي أسسه ،
وأن يخضعوا لهذا الطريق ، فيكون لهم سلامٌ حقيقيٌّ معه إلى الأبد. يسعدنا أن نكون
معكم مرة ثانية اليوم ، لنقدم لكم حلقة أخرى من برنامجكم ‘طريق البر’.
في الحلقة السابقة، رأينا أن يسوع المسيَّا، كان يجول في مدن فلسطين، يعلِّم
الجموع، ويشفي المرضى، ويخرج الشياطين. وكان الناس يتعجبون ويسألون بعضهم بعضاً
قائلين: ‘‘من هذا؟ ما هو هذا التعليم الجديد؟ لإنه حتى يأمر الأرواح النجسة،
فتطيعه!’’
واليوم، نود أن نستمر في قراءة الإنجيل، ونسمع الكلمات العجيبة التي خرجت من فم
الرب يسوع، عندما كان يوماً على الجبل مع تلاميذه، وفي وسط جمع غفير. ويعوزنا الوقت
لكي نقرأ كل ما علَّمه يسوع لتلاميذه في ذلك اليوم. ولكن من يريد أن يقرأ الرسالة
كاملةً، يمكنه أن يقرأها في إنجيل متى، من الأصحاح الخامس وحتى الأصحاح السابع.
أصدقائي المستمعين ..
أينما كنتم الآن، ندعوكم أن تستمعوا معنا إلى ‘‘الموعظة على الجبل’’. وهي موعظة
ألقاها الرب يسوع من حوالي ألفي عامٍ مضت.
يقول الكتاب:
‘‘ولما رأي يسوع الجموع، صعد إلى الجبل. فلما جلس، تقدم إليه تلاميذه. ففتح فاه،
وعلمهم قائلاً:
‘‘طوبى للمساكين بالروح، لأن لهم ملكوت السموات.
طوبى للحزانى، لأنهم يتعزَون.
طوبى للودعاء، لأنهم يرثون الأرض.
طوبى للجياع والعطاش إلى البر، لأنهم يُشبَعون.
طوبى للرحماء، لأنهم يُرحَمون.
طوبى للأنقياء القلب، لأنهم يعاينون الله.
طوبى لصانعي السلام، لأنهم أبناء الله يُدعَون.
طوبى للمطرودين من أجل البر، لأن لهم ملكوت السموات.
طوبى لكم إذا عيروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من أجلي كاذبين. افرحوا
وتهللوا، لأن أجركم عظيم في السموات. فإنهم هكذا طردوا الأنبياء الذين قبلكم.
‘‘لا تظنُّوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض؛ بل لأكمِّل. الحق
الحق أقول لكم، إلى أن تزول السماء والأرض، لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من
الناموس، حتى يكون الكل. فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى، وعلَّم الناس هكذا،
يُدعَى أصغر في ملكوت السموات. وأما من عمل وعلَّم، فهذا يُدعى عظيماً في ملكوت
السموات. فإني أقول لكم، إن لم يزد برُّكم عن الكتبة (أي معلمي الناموس)
والفريسيين، لن تدخلوا ملكوت السموات.
‘‘قد سمعتم أنه قيل للقدماء: ‘لا تقتل؛ ومن قتل، يكون مستوجب الحكم.’ وأما أنا
فأقول لكم، إن كل من يغضب على أخيه باطلاً، يكون مستوجب الحكم.
‘‘قد سمعتم أنه قيل للقدماء: ‘لا تزنِ’. وأما أنا فأقول لكم، إن كل من ينظر إلى
امرأة ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه.
‘‘أيضاً سمعتم أنه قيل للقدماء: ‘لا تحنث (أي تقسم ثم لا تفي بقسمك)، بل اوفِ للرب
أقسامك.’ وأما أنا فأقول، لا تحلفوا البتة؛ لا بالسماء، لأنها كرسي الله؛ ولا
بالأرض، لأنها موطئ قدميه .. بل ليكن كلامكم نعم نعم، لا لا؛ وما زاد على ذلك فهو
من الشرير.
‘‘سمعتم أنه قيل: ‘عين بعين،وسن بسن.’ وأما أنا فأقول لكم، لا تقاوموا الشر، بل من
لطمك على خدك الأيمن، فحول له الآخر أيضاً. ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك، فاترك
له الرداء أيضاً. ومن سخَّرك ميلاً واحداً، فاذهب معه اثنين.
‘‘سمعتم أنه قيل: ‘تحب قريبك، وتبغض عدوك.’ وأما أنا فأقول لكم: أحبوا أعداءكم،
باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم؛ لكي
تكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات. فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر
على الأبرار والظالمين. لأنه إن أحببتم الذين يحبونكم، فأي أجر لكم؟ أليس العشارون
أيضاً يفعلون ذلك؟ وإن سلَّمتم على إخوتكم فقط، فأي فضلٍ تصنعون؟ أليس العشارون
أيضاً يفعلون هكذا؟ فكونوا أنتم كاملين، كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل.’’
(مت 1:5-11، 17-22، 27-41، 43-48)
‘‘احترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدَّام الناس؛ لكي ينظروكم. وإلا فليس لكم أجر عند
أبيكم الذي في السموات.
‘‘فمتى صنعت صدقة، فلا تصوِّت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المجامع وفي
الأزقة، لكي يمجَّدوا من الناس. الحق أقول لكم، أنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت،
فمتى صنعت صدقة، فلا تعرِّف شمالك ما تفعل يمينك، لكي تكون صدقتك في الخفاء. فأبوك
الذي يرى في الخفاء، هو يجازيك علانية.
‘‘ومتى صلَّيت، فلا تكون كالمرائين. فإنهم يحبُّون أن يصلُّوا قائمين في المجامع،
وفي زوايا الشوارع؛ لكي يظهروا للناس. الحق أقول لكم، أنهم قد استوفوا أجرهم. وأما
أنت، فمتى صلَّيت، فادخل إلى مخدعك، واغلق بابك، وصلِّ إلى أبيك الذي في الخفاء.
فأبوك الذي يرى في الخفاء، يجازيك علانيةً. وحينما تصلُّون، لا تكرِّروا الكلام
باطلاً كالأمم. فإنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يستجاب لهم. فلا تتشبهوا بهم، لأن
أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه.
‘‘فصلوا أنتم هكذا:
أبانا الذي في السموات. ليتقدس اسمك. ليأتِ ملكوتك. لتـكن مشيئتك؛ كما في السماء،
كذلك على الأرض. خبزنا كفافنا؛ أعطنا اليوم. واغفر لنا ذنوبنا، كما نغفر نحن أيضاً
للمذنبين إلينا. ولا تدخلنا في تجربة، لكن نجنا من الشرير. لأن لك الملك والقوة
والمجد إلى الأبد. آمين.
‘‘ومتى صمتم، فلا تكونوا عابسين كالمرائين. فإنهم يغيِّرون وجوههم؛ لكي يظهروا
للناس صائمين. الحق أقول لكم، إنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت، فمتى صمت، فادهن
رأسك، واغسل وجهك، لكي لا تظهر للناس صائماً، بل لأبيك الذي في الخفاء. فأبوك الذي
يرى في الخفاء، يجازيك علانية.
‘‘لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض، حيث يفسد السوس والصدأ، وحيث ينقب السارقون
ويسرقون. بل اكنزوا لكم كنوزاً في السماء، حيث لا يفسد سوس ولا صدأ، وحيث لا ينقب
سارقون ولا يسرقون. لأنه حيث يكون كنزك، هناك يكون قلبك أيضاً.
‘‘سراج الجسد هو العين. فإن كانت عينك بسيطة، فجسدك كله يكون نيِّراً. وإن كانت
عينك شريرة، فجسدك كله يكون مظلماً. فإن كان النور الذي فيك ظلاماً، فالظلام كم
يكون؟
‘‘لا يقدر أحدٌ أن يخدم سيدين. لأنه إما أن يبغض واحد ويحب الآخر، أو يلازم الواحد
ويحتقر الآخر. لا تقدرون أن تخدموا الله والمال.
‘‘لذلك أقول لكم: لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون. ولا لأجسادكم بما
تلبسون. اليست الحياة أفضل من الطعام، والجسد أفضل من اللباس؟ انظروا إلى طيور
السماء؛ إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن، وأبوكم السماوي يقوتها. ألستم
أنتم بالحري أفضل منها؟ ومن منكم إذا اهتم، يقدر أن يزيد على قامته ذراعاً واحدة
(أو يزيد على حياته ساعة واحدة)؟
‘‘ولماذا تهتمون باللباس؟ تأملوا زنابق الحقل، كيف تنمو. لا تتعب ولا تغزل. ولكن
أقول لكم، ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها. فإن كان عشب الحقل الذي
يوجد اليوم ويطرح غداً في التنور يلبسه الله هكذا، أفليس بالحري جداً يلبسكم أنتم
يا قليلي الإيمان؟ فلا تهتموا قائلين: ماذا نأكل؟ أو ماذا نشرب؟ أو ماذا نلبس؟ فأن
هذه كلها تطلبها الأمم. لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها. لكن
اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره، وهذه كلها تزاد لكم.’’ (مت 1:6-33)
‘‘لا تدينوا لكي لا تُدانوا. لإنكم بالدينونة التي بها تدينون، تُدانون. وبالكيل
الذي به تكيلون، يُكال لكم. ولماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك، أما الخشبة التي
في عينك فلا تفطن لها؟ أم كيف تقول لأخيك: ‘دعني أخرج القذى من عينيك’، وها الخشبة
في عينك. يا مرائي، أخرج أولاً الخشبة من عينك، وحينئذٍ تبصر جيداً أن تخرج القذى
من عين أخيك. وهكذا، فكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم، افعلوا هكذا أنتم أيضاً بهم.
لأن هذا هو الناموس والأنبياء.
‘‘اسألوا تعطوا؛ اطلبوا تجدوا؛ اقرعوا يُفتَح لكم. لأن كل من يسأل يأخذ، ومن يطلب
يجد، ومن يقرع يُفتح له.
‘‘ادخلوا من الباب الضيق؛ لأنه واسعٌ الباب ورحبٌ الطريق الذي يؤدي إلى الهلاك.
وكثيرون هم الذين يدخلون منه. ما أضيق الباب وأكرب الطريق الذي يؤدي إلى الحياة.
وقليلون هم الذين يجدونه.
‘‘احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان، ولكنهم من داخل ذئاب
خاطفة. من ثمارهم تعرفونهم. هل يجتنون من الشوك عنباً؟ أو من الحسك تيناً؟ هكذا كل
شجرة جيدة تصنع أثماراً جيدةً. وأما الشجرة الرديَّة، تصنع أثماراً رديَّة. لا تقدر
شجرة جيدة أن تصنع أثماراً رديَّة، ولا شجرة رديَّة أن تصنع أثماراً جيدة. كل شجرة
لا تصنع ثمراً جيداً، تُقطَع وتُلقى في النار. فإذاً، .. من ثمارهم تعرفونهم!
‘‘ليس كل من يقول لي: يا رب يا رب، يدخل ملكوت السموات. بل الذي يفعل إرادة أبي
الذي في السموات. كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم: يا رب يا رب، أليس باسمك تنبانا؟
وباسمك أخرجنا شياطين؟ وباسمك صنعنا قوات كثيرة؟ فحينئذ، أصرِّح لهم: إني لم أعرفكم
قط. اذهبوا عني يا فاعلي الإثم.
‘‘فكل من يسمع أقوالي هذه ويعمل بها، اشبهه برجل عاقل بنى بيته على الصخر. فنزل
المطر، وجاءت الأنهار، وهبت الرياح، ووقعت على ذلك البيت، فلم يسقط؛ لأنه كان
مؤسساً على الصخر. وكل من يسمع أقوالي هذه ولا يعمل بها، يشبَّه برجل جاهل بنى بيته
على الرمل. فنزل المطر، وجاءت الأنهار، وهبت الرياح، وصدمت ذلك البيت، فسقط.
.. وكان سقوطه عظيماً!
‘‘فلما أكمل يسوع هذه الأقوال، بُهِتت الجموع من تعليمه. لأنه كان يعلِّمهم كمن له
سلطان، وليس كالكتبة.’’ (مت 1:7-8، 13-29)
أصدقائي المستمعين ..
دعونا نتوقف هنا اليوم، حيث انتهى وقت البرنامج. ونأمل أن تكونوا معنا في الحلقة
القادمة؛ لكي نتأمل معاً في الكلمات العميقة والعجيبة التي سمعناها اليوم، كلمات
يسوع، المعلِّم العظيم الذي أتى من السماء.
نشكركم على كريم إصغائكم ..!
وليعطِكم الله النعمة، أن تفهموا وتعُوا ما سمعتموه اليوم ..!
ونترككم مع هذه الكلمات العجيبة التي قالها الرب يسوع على الجبل:
‘‘أطلبوا أولاً ملكوتَ الله وبرَّه، .. وهذه كلَّها تُزادُ لكم!’’
(مت 33:6)
ــــــــــــ
الدرس السابع والستون | فهرس دراسات طريق البِرّ | المكتبة | الصفحة الرئيسية