52
النـبي سـليمان
ملوك الأول 2-10
مزمور 72
أصدقائي المستمعين ..
نحييكم باسم الله ، رب السلام ، الذي يريد أن يفهم الجميع طريق البر الذي أسسه ،
وأن يخضعوا لهذا الطريق ، فيكون لهم سلامٌ حقيقيٌّ معه إلى الأبد. يسعدنا أن نكون
معكم مرة ثانية اليوم ، لنقدم لكم حلقة أخرى من برنامجكم ‘طريق البر’.
إن ظهر لك الله، وقال: ‘‘أطلب مني ما تشاء، مهما كان، وأنا أعطيه لك!’’ فماذا ستطلب
منه؟ أستطلب منه حياةً مديدة؟ أم ثروةً عظيمة؟ أم شهرةً فائقة؟ أم شيئاً آخر؟ في
يوم من الأيام، ظهر الله لسليمان، ابن داود، في حلم، وقال له: ‘‘اسأل ماذا أعطيك.’’
فهل تعرف ما الذي اختاره سليمان؟ سنرى اليوم كيف أجاب سليمان الله.
على مدى الست حلقات السابقة، كنا ندرس معاً قصة نبي الله داود. وقرأنا بعضاً من
المزامير التي كتبها في سفر المزامير. وفي حلقتنا السابقة، رأينا كيف تنبأ داود أن
أبناء آدم سوف يقتلون المسيا بثقب يديه ورجليه. وتنبأ داود أيضاً، أن الله سيقيم
المسيا من الأموات. ونود اليوم، أن نترك قصة داود، وننتقل إلى قصة ابنه، سليمان.
وفي الأصحاح الثاني من سفر الملوك الأول، يقول الكتاب:
‘‘ولما قرُبت أيام وفاة داود، أوصى سليمان ابنه قائلاً: أنا ذاهب في طريق الأرض
كلها. فتشدد وكن رجلاً. احفظ شعائر الرب إلهك، إذ تسير في طرقه، وتحفظ فرائضه
ووصاياه وأحكامه وشهاداته، كما هو مكتوب في شريعة موسى، لكي تُفلِح في كل ما تفعل،
وحيثما توجَّهت. واضطجع داود مع آبائه، ودُفِن في مدينة داود. وكان الزمان الذي ملك
فيه داود على اسرائيل، أربعين سنة. وجلس سليمان على كرسي داود أبيه، وتثبَّت ملكه
جداً.’’ (1مل 1:2 ،3 ،10-12)
‘‘واحب سليمان الرب، سائراً في فرائض داود أبيه .. وتراءى الرب لسليمان في حلم ليلاً،
وقال الله: اسأل ماذا أعطيك. فقال سليمان .. أنت ملَّكت عبدك مكان داود أبي، وأنا
فتىً صغيرٌ لا أعلم الخروج والدخول .. فاعطي عبدك قلباً فهيماً، لأحكم على شعبك،
وأميِّز بين الخير والشر، لأنه من يقدر أن يحكم على شعبك العظيم هذا؟ فحسن الكلام
في عيني الرب، لأن سليمان سأل هذا الأمر. فقال له الله: من أجل أنك قد سألت هذا
الأمر، ولم تسأل لنفسك أياماً كثيرة، ولا سألت لنفسك غنىً، ولا سألت أنفس أعدائك،
بل سألت لنفسك تمييزاً لتفهم الحكم، هوذا قد فعلتُ حسب كلامك. هوذا أعطيتك قلباً
حكيماً ومميزاً، حتى أنه لم يكن مثلك قبلك، ولا يقوم بعدك نظيرك. وقد أعطيتك أيضاً
ما لم تسأله، غنىً وكرامةً، حتى أنه لا يكون رجلاً مثلك في الملوك كل أيامك. فإن
سلكت في طريقي، وحفظت فرائضي ووصاياي كما سلك داود أبوك، فإني أطيل أيامك. فاستيقظ
سليمان، وإذا هو حلمٌ. فجاء إلى أورشليم، ووقف أمام تابوت عهد الرب، وأصعد محرقاتٍ،
وقرَّب ذبائح سلامةٍ، وعمل وليمةً لكل عبيده.
‘‘حينئذٍ، أتت امرأتان زانيتان إلى الملك، ووقفتا بين يديه. فقالت المرأة الواحدة:
استمع يا سيدي. إني أنا وهذه المرأة ساكنتان في بيت واحدٍ، وقد وَلَدْت معها في
البيت. وفي اليوم الثالث بعد ولادتي، ولدت هذه المرأة أيضاً، وكنا معاً ولم يكن
معنا غريب في البيت غيرنا، نحن كلتينا في البيت. فمات ابن هذه في الليل، لأنها
اضطجعت عليه. فقامت في وسط الليل، وأخذت ابني من جانبي وأمتك نائمةٌ، وأضطجعته في
حضنها، وأضطجعت ابنها الميت في حضني. فلمَّا قمت صباحاً لأرضع ابني، إذا هو ميتٌ،
ولما تأملت فيه في الصباح، إذا هو ليس ابني الذي ولدته. وكانت المرأة الأخرى تقول:
كلا، بل ابني الحي، وابنك الميت. وهذه تقول: لا، بل ابنك الميت، وابني الحي.
وتكلمتا أمام الملك.
‘‘فقال الملك: هذه تقول ابني الحي وابنك الميت، وتلك تقول لا بل ابنك الميت وابني
الحي. فقال الملك: ايتوني بسيفٍ. فأتوا بسيف بين يدي الملك. فقال الملك: اشطروا
الولد الحي اثنين، واعطوا نصفاً للواحدة، ونصفاً للأخرى.
‘‘فتكلمت المرأة التي ابنها الحي إلى الملك، لأن أحشاءها اضطرمت على ابنها. وقالت:
استمع يا سيدي. أعطوها الولد الحي، ولا تميتوه. وأما تلك فقالت: لايكون لي ولا لك؛
اشطروه. فأجاب الملك وقال: أعطوها الولد الحي، ولا تميتوه، فإنها أمه. فلما سمع
جميع إسرائيل بالحكم الذي حكم به الملك، خافوا الملك، لأنهم رأوا حكمة الله فيه
لإجراء الحكم.’’ (1مل 3:3 ،6 ،9-28)
‘‘وأعطى الله سليمان حكمةً وفهماً كثيراً جداً، ورحبة قلبٍ كالرمل الذي على شاطئ
البحر. وفاقت حكمة سليمان حكمة جميع بني المشرق، وكل حكمة مصر. وكان أحكم من جميع
الناس .. وكان صيته في جميع الأمم حواليه. وتكلم بثلاثة آلاف مثلٍ. وكانت نشائده
ألفاً وخمساً. وكانوا يأتون من جميع الشعوب ليسمعوا حكمة سليمان، من جميع ملوك
الأرض الذين سمعوا بحكمته.’’ (1مل 29:4-32، 34)
ثم يخبرنا الكتاب أنه في هذا الوقت، كانت هناك ملكة، هي ملكة سبأ. وكانت قد سمعت عن
حكمة سليمان العميقة، وجلاله العظيم. وأعدَّت الملكة نفسها للذهاب لزيارة سليمان،
لتعرف ما إذا كان ما سمعته عنه حقيقي أم لا. وكانت هذه الملكة تعيش في أرض بعيدة
جداً عن أورشليم، وهي أرض سبأ، التي تقع إلى جنوب السعودية. وتُعرَف بلاد سبأ اليوم،
ببلاد اليمن. وبين هذا البلد وأورشليم مسافة نحو ألفي كيلومتر. ومع ذلك، لم تمنع
هذه المسافة العظيمة ملكة سبأ، من السفر لزيارة سليمان.
وفي الأصحاح العاشر، يقول الكتاب:
‘‘وسمعت ملكة سَبَا بخبر سليمان لمجد الرب، فأتت لتمتحنه بمسائل. فأتت إلى أورشليم
بموكب عظيمٍ جداً، بجمالٍ حاملةٍ أطياباً وذهباً كثيراً جداً، وحجارةً كريمةً، وأتت
إلى سليمان، وكلَّمته بكل ما كان بقلبها. فأخبرها سليمان بكل كلامها. ولم يكن أمرٌ
مخفياً عن الملك، لم يخبرها به. فلما رأت ملكة سبا كل حكمة سليمان، والبيت الذي
بناه، وطعام مائدته، ومجلس عبيده، وموقف خدَّامه وملابسهم، وسقاته، ومحرقاته التي
كان يصعدها في بيت الرب، لم يبقَ فيها روحٌ بعد.
‘‘فقالت للملك: صحيحاً كان الخبر الذي سمعته في أرضي عن أمورك وعن حكمتك. ولم
أصدِّق الأخبار، حتى جئت وأبصرت عيناي ، فهوذا النصف لم أُخبَر به. زدْتَ حكمةً
وصلاحاً على الخبر الذي سمعته. طوبى لرجالك، وطوبى لعبيدك، هؤلاء الواقفين أمامك
دائماً، السامعين حكمتك. ليكن مباركاً الرب إلهك الذي سُرَّ بك، وجعلك على كرسي
إسرائيل. لأن الرب أحب إسرائيل إلى الأبد، جعلك ملكاً لتُجري حكماً وبراً.’’ (1مل
1:10-9)
وهنا، ينبغي أن نتوقف عن القراءة اليوم. إلا أن ما تقوله كلمة الله عن ملكة سبأ، لا
ينتهي هنا. فبعد هذا الوقت بما لا يزيد عن ألف عام، كان للمسيا شيئاً ليقوله عن
ملكة سبأ والملك سليمان. إذ قال:
‘‘ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل، وتدينه. لأنها أتت من أقاصي الأرض
لتسمع حكمة سليمان. وهوذا أعظم من سليمان ههنا.’’ (مت 24:12)
هل سمعت ما قاله المسيا؟ لقد قال أن البحث الذي قامت به ملكة سبأ لتتعرف على مجد
الملك سليمان، سوف يدين جميع أولئك الذين يرفضون البحث عن مجد المسيا. فلقد فعلت
ملكة سبأ كل ما في وسعها وقوتها، لتكتشف مجد سليمان، ولتستمع إلى حكمته. بل وحتى
سافرت مسافة أربعة آلاف كيلومتر ذهاباً وإياباً، لتعرف ما إذا كان ما سمعته حقيقة
أم لا. ويُوجَد درس مهم لنا هنا. فالمسيا الذي جاء من السماء، فاق سليمان كثيراً في
مجده وحكمته ومعرفته وقوته. ومع ذلك، فإن معظم أبناء آدم لا يدركون هذا المجد، ولا
حتى يرغبون في البحث في هذا الشأن، ليعرفوا الحق. ولهذا قال المسيا:
‘‘ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل، وتدينه. لأنها أتت من أقاصي الأرض
لتسمع حكمة سليمان. وهوذا أعظم من سليمان ههنا.’’ (مت 24:12)
وأنتم، يا من تسمعون اليوم، هل تدركون مجد المسيا الذي أرسله الله؟ أم أنكم تضعونه
في نفس مستوى الأنبياء؟ هل تتذكرون ما الذي يعنيه لقب ‘‘المسيا’’؟ نعم، إنه يعني
‘‘المختار أو الممسوح من الله’’. إن المسيا هو من اختاره الله، ليكون مخلِّصاً
ودياناً للعالم. ومع ذلك، فحتى هذا اليوم، معظم الناس يهملون المسيا. فهم لا يعرفون
من هو، لأنهم لم يفتشوا عنه في كتب الأنبياء.
لقد قارب وقتنا على الانتهاء، ولكن قبل أن نودعكم اليوم، لابد أن نعرف أن الملك
سليمان كتب ثلاثة أسفار عميقة ومدهشة، وهي جزء من الكتاب المقدس. وهذه الأسفار هي:
الأمثال، والجامعة (أي المُعلِّم)، ونشيد الأنشاد. ومثل أبيه داود، كتب سليمان بعض
الأغاني الروحية، والتي هي جزء من سفر المزامير.
وختاماً لبرنامجنا اليوم، نود أن نقرأ على مسامعكم المزمور الثاني والسبعين، الذي
كتبه الملك سليمان في المزامير. في هذا المزمور، يتنبأ سليمان أن المسيا سيعود إلى
الأرض يوماً، ليدين المسكونة بالبر. دعونا نصغي لما كتبه الملك سليمان فيما يخص
المَلِك الكامل الذي فاقه في الحكمة والمجد.
وفيما يخص المسيا، كتب سليمان قائلاً:
‘‘يدين شعبك بالعدل، ومساكنك بالحق. ويملك من البحر .. إلى أقاصي الأرض. أمامه تجثو
أهل البرية، وأعداؤه يلحسون التراب .. ملوك شَبَا وسَبَا يقدمون هديةً. ويسجدون له
كل الملوك. كل الأمم تتعبد له. ليعيش الملك! .. ويكون اسمه إلى الدهر. قدَّام الشمس
يمتد اسمه، ويتباركون به. كل أمم الأرض يطوِّبونه. مباركٌ الرب الله إله إسرائيل،
الصانع العجائب وحده. مباركٌ اسم مجده إلى الدهر، ولتمتلئ الأرض كلها من مجده. آمين
ثم آمين.’’ (مز 2:72، 8-10، 15، 17-19)
وهكذا، تنبأ سليمان أنه سيأتي يومٌ حين يخضع جميع شعوب العالم للمسيا، ملك الملوك،
وديَّان العالم! بالطبع، إن ما يريده الله هو أن يخضع الجميع له اليوم! فماذا عنك
أنت؟ هل أنت بالحقيقة خاضعاً لله. هل تدرك مجد وسلطان المسيا الذي أرسله الله،
وسيرسله ثانية؟ أم أنك لا تضعه إلا مجرد في مستوى الأنبياء؟ فإن أعطيت لنفسك فرصة
كافية لدراسة كتب الأنبياء، لاكتشفت أن المسيا هو مخلِّص العالم وديَّانه. فهو
الواحد الذي يشهد له جميع الأنبياء. وهذا، هو ما تعلنه الكتب المقدسة، عندما تقول:
‘‘له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا! .. هل تؤمن
بالأنبياء؟’’ (أع 43:10؛ 27:26)
أصدقائي المستمعين ..
نشكركم على كريم إصغائكم. وفي الحلقة القادمة، إن شاء الله، سندرس معاً قصة نبي
الله ‘‘إيليا’’، الذي أنزل ناراً من السماء.
وليبارككم الله، وأنتم تتأملون في ما أعلنه المسيا، قائلاً:
‘‘ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل، وتدينه. لأنها أتت من أقاصي الأرض،
لتسمع حكمة سليمان. وهوذا أعظم من سليمان ههنا.’’ (مت 24:12)
ـــــــــــــــ
الدرس الثالث والخمسون | فهرس دراسات طريق البِرّ | المكتبة | الصفحة الرئيسية