يا رب سامحهم
كثر إضطهاد المسيحين في البلاد الشيوعية، فطالما إقتحمت المخابرات والجنود بيوت المؤمنين والكنائس، ملقية الكثير منهم لفترات طويلة جدا في السجون، وهم يعانون أشد انواع الرعب والتعذيب بغية خنق المسيحية وجعل المؤمنين ينكرون الرب يسوع المسيح.
ومن كثرة التعذيب وسوء المعاملة لفترات طويلة، كان الجنود، ينهون حياة هؤلاء المؤمنين رميا بالرصاص. إذ كان يصعب اطلاق سراحهم بعد سنين من التعذيب، وبعد أن كان قد أصبح معظمهم غير قادر حتى على المشي. من جراء ما كانوا يلاقونه من سوء معاملة.
كان يصعب على المؤمنين التجمع، حتى لدرس الكتاب المقدس. إذ كانت السلطات قد منعت اي تجمع ديني.
وفي أحد الايام داهم الجنود بيت، ليجدوا فيه مجموعة من المسيحين يدرسون الكتاب المقدس سرا. لم يكن لدى تلك المجموعة سوى كتاب مقدس واحد، كانوا يقرأونه، وكان لم يزل مفتوحا بين يدي القس. أرتجف الجميع لدى دخول الجنود الى البيت، إذ بانت علامات الحقد والغضب بادية على وجوه هؤلاء الجنود، وما أن دخل رئيسهم حتى انهالت عليهم اللعنات، والإهانات، حتى وصل به الأمر أنه صوب بندقيته نحو رأس القس بينما كان صوته يهز البيت. آمراً إياه بصوته وقائلا: أعطني هذا الكتاب والأ قتلتك...
تردد القس للحظة، ثم ناول كتابه المقدس الى ذلك المسؤول. ما أن أخذ ذلك المسؤول الكتاب المقدس، حتى رمى به الى الأرض، نحو قدميه... ثم خاطب الجميع قائلا... أن لدي الآن السلطة ان القي بكم جميعا في السجن، ولسنين طويلة... وحتى أن اطلق الرصاص الآن في رأس من أشاء، ولن يصعب علي الأمر البتة، إذ لدي كل الحق في ذلك...
لكنني سأعطي لكم الفرصة بالنجاة... اولا، عليك أن تبصق على هذا الكتاب ... وكل من يرفض سيرمى بالرصاص.
لم يكن أمام هؤلاء المؤمنين أي خيار سوى إطاعة ما أومروا به... وسرعان ما صوب أحد الجنود بندقيته نحو واحد منهم قائلا... هيا ابدأ أنت ..
قام هذا الرجل وكله رعب، ثم انحنى نحو الكتاب المقدس، المرمى على الأرض، وبكل تردد بصق على الكتاب، ثم تمتم قائلا، يا رب أرجوك أن تسامحني... إبتسم الجنود ناظرين بعضهم إلى بعض، وهم يفتحون له الطريق ليتسنى له الخروج.
هيا أنتي الآن... هم أحد الجنود بنكز إحدى السيدات بكعب بندقيته... كانت هذه المرأة تبكي من الخوف... فهمت لتفعل ما طلب منها، ومع أنها لم تبصق الى قليلا على الكتاب المقدس، إلا أن ذاك كان كافيا لإخلاء سبيلها...
وفجأت، قامت فتاة، في السابعة عشر من عمرها، متجهة نحو الكتاب المقدس، والدموع تنسال من عينيها، ظن الجنود بأنها ستفعل ما فعله الذين مروا من قبلها، كانت هذه الشابة مغمورة بحبها للرب يسوع المسيح مخلصها، فركعت امام ذلك الكتاب المقدس، ثم أخذته بين يديها، ومسحت تلك البصقات التي عليه بثيابها، وقالت، يا رب سامح إخوتي على الذي فعلوه بك وبكلامك... يا رب سامحهم...
نهض رئيس الفرقة بسرعة، مصوبا بندقيته، نحو رأس تلك الشابة، وهي راكعة على الأرض، وبيدها الكتاب المقدس والذي تضمه اليها، ثم أطلق الرصاص عليها... لقد كانت كلماتها الأخيرة... يا رب سامح إخوتي، يا رب سامحهم...
صديقي، إن الألوف، بل الملايين عبر العصور، وسط الاضطهاد، قدموا حياتهم، وفضلوا التعذيب، بل الموت، عن أن ينكروا الرب يسوع المسيح... فيا ترى ما هو مقدار محبتك انت له... قال الرب يسوع " فكل من يعترف بي قدام الناس اعترف انا ايضا به قدام ابي الذي في السموات. ولكن من ينكرني قدام الناس انكره انا ايضا قدام ابي الذي في السموات. نعم ان آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد ان يستعلن فينا. لأننا ان كنا نتألم معه لكي نتمجد ايضا معه...
لنتشجع إذا، لكي نكون أمناء للرب في حياتنا... لأنه إن كنا امناء في الاشياء الصغيرة، حتما سنكون امناء في حياتنا له...