من هم القديسون
شيء جميل أن يكّرم الإنسان اجتماعيا أو أدبيا وهذا يحصل حسب مقاييس البشر في كل
بلد أو منطقة أو قارة , وهذا جيد ومهم في أمور الحياة الدنيا . أما في الأمور
الروحية فتكريم الإنسان روحيا أو تقديس الإنسان فهذه من أمور الله ومقاييسه ,
وهي تكون حسب كلمته . لأنه هو القدوس وهو منبع القداسة وهو الوحيد الذي يقدّس ,
أما نحن فناقصون ولا نستطيع أن نقّدس أحد ولا نستطيع أن نقول عن أحد أنه قديس
مهما على شأنه . فالمرجع لهذا الأمر هو كلمة الله المقدسة .
يتساءلون من هم القديسون ؟ هل هم الأموات التي كانت سيرة حياتهم حسنة ومشهود
لهم والذين بعد موتهم قد صنعوا عجائب . وبعد فحص هذه العجائب من قبل بعض
الأشخاص المهمين نقدر أن نقول عنهم أنهم قديسين ,وهل هم بنظر الله قديسين على
أساس هذه الشروط ؟ أن سيرة حياة البشر على الأرض وسلوكهم وأعمالهم لا تجعل منهم
قديسين . كيف ؟
فكم من ديانات في الشرق لها آلهة أخرى من الحجر والبشر وحتى من الحيوانات ولا
تعترف بالله , وكم من ديانات وبدع لا تعترف بيسوع المسيح كالمخلص الوحيد ,
وتابعيها يعيشون حياة تقوى وتقشف مستمر , ويصنعون الخير ويحبون الفقير ولا
يسببون أذى لأحد . فهل هم بنظر الله قديسون ؟ وماذا عن الملحدون في بعض الدول
وحسب قوانينها لا يؤذون أحد بل ويصنعنون الخير أكثر من المؤمنين ويرسلون
الأموال لمساعدة الأطفال في الدول الفقيرة , هل هم قديسون بنظر الله ؟ طبعا لا
. فالحياة المسلكية الجيدة والصالحة لا تعطي الإنسان صفة القداسة .
أما عن صنع العجائب : أي على الإنسان المطوّب قديس أن يكون قد صنع بعد موته على
الأقل عجيبتين .
فبما أن الأمر هو روحي بحت فيجب علينا أن نفحصه على كلمة الله لكي نعرف فيما
إذا كان هذا الحكم صحيحا أم لا , أي أن شرط القداسة يأتي من صنع العجائب,
فلنسمع ما يقوله الرب في ( متى 11 : 9) عن يوحنا المعمدان :
( لكن ماذا خرجتم لتنظروا أنبيا, نعم أقول لكم وأفضل من نبي , الحق أقول لكم لم
يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان ) وفي انجيل يوحنا 10 :41
يقول ( فأتى إليه " أي الى يسوع " كثيرون وقالوا أن يوحنا لم يفعل آية واحدة
ولكن كل ما قاله يوحنا عن هذا كان حقا ) فإذا كان يوحنا المعمدان بنظر الرب
أعظم من نبي وهو لم يفعل ولا عجيبة واحدة , إذا موضوع العجائب ليس له دخل في
تقديس البشر .
فلماذا إذا يعتقد الناس أن القداسة هي في السلوك الجيد وصنع العجائب ؟ الجواب
لأن عدو الخير وضع في عقول الناس بواسطة بعض الأشخاص هكذا تعاليم لكي يوهم
الناس أن القديس هو إنسان غير عادي , ولكي يقولوا في أنفسهم نحن لا نستطيع أن
نصل الى هكذا مستوى من الحياة المسيحية . فيدفعهم ليفعلوا مايحلوا لهم
وباعتقادهم أنهم بعد الموت يصلّون عليهم والله يدبر الأمر , فيقعون في الخطية
ويبتعدون عن الله , وهذا ما يريده الشيطان عدو الخير . فمن هم القديسون بنظر
الله ؟ هل هم الأشخاص الذين ماتوا وهم أتقياء , أم الأحياء ؟ فلنسمع ما يقوله
الكتاب المقدس عن هذا الموضوع , فالكلام الصحيح هو كلام الله وليس كلام البشر .
ما معنى كلمة قديس ؟
الإنسان القديس حسب تعريف الكتاب المقدس هو الإنسان المخصص للرب . نراها في سفر
الخروج 13 : 2 عندما كلم الرب موسى قائلا : ( قدّس لي كل بكر كل فاتح رحم من
الناس ومن البهائم إنه لي ) أي أن كل فاتح رحم هو مخصص للرب . وهنا موسى لا
يستطيع أن يقدس الإنسان والبهائم كما يفهمها الناس اليوم أي أن يصبحوا قديسين
فالحيوان على الأقل ليس بقديس , بل المقصود أن يخصص للرب فالبكر مهم جدا عند
الرب .
وعن يوم الرب في الوصية الرابعة ( اذكر يوم الرب لتقدسه ) أي تخصصه للرب .
وأيضا كلم الرب موسى في سفر الخروج 31 : 12 ( ... أنا الرب الذي يقدسكم ) فليس
البشر يقدسون البشر .
وعن عشور أموالهم التي كان عليهم تقديمها للرب قال في سفر اللاويين 27 : 30 (
وكل عشر الأرض من حبوب الأرض وأثمار الشجر فهو للرب قدس للرب ) أي خاص للرب .
وفي المزمور 16 : 3 يقول ( القديسون الذين في الأرض والأفاضل كل مسرتي بهم )
فكيف يطوبون الأموات فقط ويجعلون منهم قديسين .
أما في العهد الجديد : فيقول الرسول بطرس في رسالته الأولى 1 : 14 ( كأولاد
الطاعة لا تشاكلوا شهواتكم السابقة في جهالتكم بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا
أنتم قديسين في كل سيرة لأنه مكتوب كونوا قديسين لأني أنا قدوس ) وهنا الرسول
بطرس يكلم المؤمنين في الكنيسة الذين على قيد الحياة أن يكونوا قديسين ,
فالقداسة لا تكون بعد الموت فقط. وفي أعمال الرسل 9 : 13 عندما كلم الرب حنانيا
بشأن شاول ( بولس ) ( فأجاب حنانيا يارب قد سمعت من كثيرين عن هذا الرجل كم من
الشرور فعل بقديسيك في أورشليم ) أي عن اضطهاده للمؤمنين الأحياء .
وفي مطلع رسائله , يقول بولس الرسول :( الى جميع الموجودين في رومية أحباء الله
مدعوين قديسين نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح )رو1: 7 وفي
رسالتيه الى كنيسة كورونثوس يقول ( بولس المدعو رسولا ليسوع المسيح بمشيئة الله
وسوستانيس الأخ الى كنيسة الله التي في كورونثوس المقدسين في المسيح يسوع
المدعوين قديسين مع جميع الذين يدعون باسم ربنا يسوع المسيح في كل مكان لهم
ولنا )1كو1: 1 وفي رسالته الثانية لهم ( بولس رسول يسوع المسيح بمشيئة الله
وتيموثاوث الأخ الى كنيسة الله التي في كورونثوس مع القديسين أجمعين الذين في
جميع أخائيا )2كو1: 1 وفي رسالته الى أهل أفسس ( بولس رسول يسوع المسيح بمشيئة
الله الى القديسين الذين في أفسس والمؤمنين في المسيح يسوع )أفسس1:1 والى أهل
فيليبي كتب ( بولس وتيموثاوس عبدا يسوع المسيح الى جميع القديسين في المسيح
يسوع الذين في فيليبي مع اساقفة وشمامسة )فيليبي1: 1 والى أهل كولوسي كتب (
بولس رسول يسوع المسيح بمشيئة الله وتيموثاوس الأخ الى القديسين في كولوسي
والاخوة المؤمنين في المسيح )كولوسي1:1-2 . فهل الرسائل ترسل الى أموات ؟ وهنا
أيضا اثبات آخر أن القديسين ليسوا فقط الأموات ففي وصاياه الى مؤمني رومية يقول
بولس الرسول ( مشتركين في احتياجات القديسين عاكفين على اضافة الغرباء ) رومية
12 : , 13 وفي رومية 15 :26 ( لأن أهل مكدونيا وأخائيا استحسنوا أن يصنعوا
نوزيعا لفقراء القديسين الذين في اوروشليم ) وأيضا في رسالته الأولى الى أهل
كورونثوس يقول بولس ( واما من جهة الجمع لأجل القديسين فكما اوصيت كنائس غلاطية
هكذا افعلوا انتم ايضا ) 1 كو 16 : 1 وفي رسالته الثانية لهم 2كو9: 12 ( لأن
افتعال هذه الخدمة ليس يسد اعواز القديسين فقط بل يزيد بشكر كثير لله ) وطبعا
القديسين الأموات الذي هم في الفردوس مع الرب لايحتاجون الى مساعدة مالية وما
شابه فهو اذا يتكلم عن القديسين الأحياء وفي آخر الرسالة الى اهل فيلبي قال (
سلموا على كل قديس في المسيح يسوع يسلم عليكم الاخوة الذين معي يسلم عليكم جميع
القديسين ولاسيما الذين من بيت قيصر ) لأنه بشر بعض الأشخاص من بيت قيصر روما
وآمنوا بالمسيح وأصبحوا قديسين . وفي آخر رسالته الى أهل تسالونيكي قال :(
أناشدكم بالرب أن تقرأ هذه الرسالة على جميع القديسين ).فهل السلامات ارسلت الى
أموات وهل الرسائل تقرأ على أموات ؟
ومثل هذه الشواهد كثيرة جدا في الكتاب المقدس للذي يهمه أن يعرف , وهي واضحة
وضوح الشمس وتثبت أن القديسين هم المؤمنين بالمسيح والذين هم على قيد الحياة ,
ففي رسالته الأولى الى اهل كورونثوس يخاطب مؤمنين قديسين وفي الاصحاح 6 يعدد
بعض خطايا الناس مثل " سارقون, شتامون, طماعون, سكيرون, خاطفون" ثم يقول (
وهكذا كان اناس منكم لكن اغتسلتم بل تقدستم بل تبررتم باسم الرب يسوع وبروح
الهنا ) فكيف يقول البعض أن القديسين هم الأشخاص الذين ماتوا وكانت سيرة حياتهم
قبل موتهم صالحة وعاشوا في الأديرة بعيدين عن الناس < مع أن هذا ليس قصد الله
من المؤمنين أن يعيشوا في صوامع وأماكن بعيدة في خلوة دائمة , بل أن يذهبوا
ويخبروا عن خلاص الرب للخطاة > ( اذهب وخبر كم صنع بك الرب ورحمك )
وصنعوا عجائب , وبعد فحص هذه العجائب تقدم دعوة الى سلطات عليا لتثبيت صحتها ,
وينتظرون سنوات وسنوات حتى يثبتوا أنه قديس . إن هذا لمحزن أن يتعامى الإنسان
عن كلمة الرب , لفد سلبوا حق الله , فالقدوس هو الوحيد الذي يقدس أما نحن
فناقصون .
ثم إن بعض القديسين عند الكنيسة الغربية غير معترف بهم عند الكنيسة الشرقية
وبالعكس , فكيف يكون هذا ؟ ما هي دوافع رفض هذا القديس هنا أو هناك ؟ هل الله
يرضى على رفض هذا وقبول ذاك ؟ وهل القديسين هم لطوائف دون طوائف. أو تطلق صفة
قديس على شخص وبعد عدة سنين يكتشفون أنه لم يكن كذلك فينزعون هذه الصفة عنه كما
حصل مع ( القديس جاورجيوس ) والأهم من هذا هل الرب يسوع أسس طوائف أم بنى كنيسة
واحدة ؟
الحقيقة أن عملية التقديس هذه بالأساس غلط وبشرية محض , والعهد الجديد يقول شيء
آخر .
فبالرسالة الى العبرانيين 10 :10 يقول ( فبهذه المشيئة نحن مقدسون بتقديم جسد
يسوع المسيح مرة واحدة ) أي بالإيمان أن يسوع مات عني بسبب خطاياي , والتوبة
تكون مرة واحدة والى الأبد لأن المسيح مات مرة واحدة .
والرسول بولس يقول في رسالة رومية 3 :24 ( متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي
بيسوع المسيح الذي قدمه الله كفارة بدمه من أجل الصفح عن الخطايا السالفة ) إذا
التبرير أو التقديس هو عمل الهي ويأتي بعد الإيمان بالمسيح وعمله الكفاري على
الصليب .وليس بالأعمال الصالحة ( لأنه بأعمال الناموس كل ذي جسد لا يتبرر
أمامه)رو3: 20
نلاحظ مما تقدم أن القديسين حسب تعريف الكناب المقدس هم المؤمنين بالله والذين
غفرت خطاياهم بناء على كفارة المسيح , والله وحده يسمينا قديسين أما نحن فنقول
عن أنفسنا مؤمنين أو مخلّصين أو مفد يين .
قد يتساءل البعض ماذا عن العجائب التي حصلت بواسطة هذا الشخص أو ذاك ؟ الجواب
هو في كلمة الله أيضا .ففي سفر التثنية 13 : 1-3 يقول الرب : ( إذا قام في وسطك
نبي أو حالم حلما وأعطاك آية أو اعجوبة ولو حدثت هذه الآية أو الأعجوبة التي
كلمك عنها قائلا لنذهب وراء آلهة أخرى لم تعرفها ونعبدها فلا تسمع لكلام ذلك
النبي أو الحالم الحلم لأن الرب الهكم يمتحنكم لكي يعلم هل تحبون الرب الهكم من
كل قلوبكم ومن كل أنفسكم ) ومعنى هذا الكلام :
أن الأعجوبة التي حصلت مع هذا الشخص أو" الذي نسبت اليه " سببت أن الناس أصبحت
تعبد غير الله كما يحصل مع هؤلاء الأشخاص مثل : تقديم الصلاة لهم والسجود أمام
تماثيلهم وصورهم وإعطائهم صفة الشفاعة وتقديم القرابين والنذور لهم , بحيث يأخذ
هذا الشخص مكان الله في العبادة , يكون هذا امتحان من الرب وبهذا نعرف أن
محبتنا للرب هي غير كاملة وتهتز مع أول أمر غير عادي يحصل أمامنا فنضع البشر
مكان الله في العبادة .
فإذا نظرنا الى الأشخاص الذين حصلت معهم العجائب في الكتاب المقدس نراهم قد
آمنوا بالرب وبكلمته معطين المجد له وحده , ولم يصّلوا لهذا التلميذ أو ذاك
الرسول الذي صنع لهم العجيبة ولم يصنعوا له تمثال ولم يسجدوا له ولانذروا له
نذورا . والأمثلة كثيرة في الكناب ففي أعمال الرسل 9 شفى بطرس شخصا كان مفلوجا
منذ ثماني سنين فيقول الإنجيل ( ورآه جميع السكانين في لدة وسارون الذين رجعوا
الى الرب) ولم يقدموا لبطرس أي تكريم بل رجعوا الى الرب أي كانوا بعيدين عن
الرب وكان هدف الله من هذه الأعجوبة ان يعيدهم اليه. وبنفس الإصحاح أقام بطرس
التلميذة طابيثا من الموت وبالعدد 41 يقول ( فناولها يده وأقامها ثم نادى
القديسين والأرامل وأحضرها حية فصار ذلك معلوما في يافا كلها فأمن كثيرون بالرب
) ولم يقل الكتاب أنهم آمنوا ببطرس أو نذروا له نذورا أو سجدوا له , وكان هدف
الله منها ان الناس تؤمن به وهذا ماحصل .
وفي أعمال 13 عندما ذهب بولس الى جزيرة قبرس بشّر هناك والي الجزيرة بالرب يسوع
وكان معه ساحرا نبيا كذابا اسمه باريشوع حاول أن يفسد الوالي عن الإيمان ,
فامتلأ بولس من الروح القدس وقال له ( أيها الممتلىء كل غش وكل خبث يابن ابليس
ياعدو كل بر ألا تزال تفسد سبل الله المستقيمة فالآن هوذا يد الرب عليك فتكون
أعمى لاتبصر الشمس الى حين ففي الحال سقط عليه ضباب وظلمة فجعل يدور ملتمسا من
يقوده بيده, فالوالي حينئذ لما رأى ما جرى آمن مندهشا من تعليم الرب ) , ولن
يقل الكتاب أنه سجد لبولس أو قدم له نذرا أو آمن به حتى, بل آمن من تعليم الرب
.
أما موضوع الشفاعة فهناك لغط كبير عليه بسبب جهل الناس لكلمة الله . فيسوع
المسيح هو الوسيط الوحيد بين الله والناس ( لأنه يوجد اله واحد ووسيط واحد بين
الله والناس الانسان يسوع المسيح ) 1 تيموثاوس 2 : 5 , وفي الرسالة الى
العبرانيين 7 : 25 يقول ( فمن ثم يقدر أن يخلّص أيضا الى التمام الذين يتقدمون
به الى الله إذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم ) ويسوع هو الوحيد الذي قام ودخل
الى الفردوس حيا, وجميع القديسن الذين في الفردوس الآن دخلوه أموات ,وسيأتي يوم
يقوم جميع القديسين وسيلبسون الجسد الممجد ( مبارك ومقدس من له نصيب في القيامة
الأولى ) رؤيا20 : 6 , اذا القديسن الذين في الفردوس لم يقوموا بعد . ولا
يستطيع القديسين الذين ماتوا أن يسمعوا صلواتنا لآن روح المؤمن التي تدخل
الفردوس لا تستطيع أن تخرج منه " لأنه لم يقم بعد حسب سفر الرؤيا " ولايمكنها
أن تسمع شخص موجود في اميركا وبنفس الوقت شخص آخر موجود في الشرق الأوسط , وإلا
يكون كالله وهذا غير ممكن . ولا يوجد شاهد واحد في كل الكناب المقدس يثبت أن
القديسين الأموات يسمعون صلاتنا أو يمكنهم أن يتشفعوا فينا . بل على العكس كما
يقول أشعيا في اصحاح 8 : 19
( ألا يسأل شعب إلهه, أيسأل الموتى من أجل الأحياء ) وفي الإصحاح 63 : 16من
اشعيا يقول ( فإنك أنت يارب أبونا وإن لم يعرفنا ابراهيم ولم يدرنا اسرائيل )
أي حتى أبو المؤمنين ابراهيم لايعرف شيئا عن اولاده هنا ولا حتى يعقوب. وداود
في مزمور 30 : 9 يقول ( مالفائدة من دمي اذا نزلت الى الحفرة هل يحمدك التراب
هل يخبر بحقك ) ولنتعظ من كلام أيوب في أيوب 5 : 1 ( ادع الآن فهل من مجيب والى
أي القديسين تلتفت ) وفي اصحاح 7 : 9 يقول ( السحاب يضمحل ويزول هكذا الذي ينزل
الى الهاوية ( مكان الموت ) لايصعد لايرجع بعد الى بيته ولايعرفه مكانه بعد )
وفي اصحاح 14 : 19 – 20 يقول ( الحجارة تبليها المياه وتجرف سيولها تراب الأرض
وكذلك أنت تبيد رجاء الإنسان تتجبر عليه فيذهب تغير وجهه وتطرده يكرم بنوه
ولايعلم أو يصغرون ولايفهم بهم انما على ذاته يتوجع لحمه وعلى ذاتها تنوح نفسه
) .وسليمان الحكيم يقول في سفر الجامعة 9 : 5 – 6 ( لأن الأحياء يعلمون أنهم
سيموتون , أما الموتى فلا يعلمون شيئا وليس لهم أجر بعد لأن ذكرهم نسي ,
ومحبتهم وبغضتهم وحسدهم هلكت منذ زمان ولا نصيب لهم بعد في كل ما عمل تحت الشمس
) أي أن كل أحاسيسهم ومشاعرهم انتهت هنا بعد موتهم, ولانصيب لهم بعد في كل ما
عمل تحت الشمس, أي لايعود لهم علاقة بالأرض هنا وما عليها , والله لايعود
يستخدممهم هنا مع البشر. أي موضوع ظهور القديسين والقديسات الأموات ومجيئهم
الينا ليكلمونا أمر غير كتابي , والرب يسوع تكلم عن هذا الموضوع في لوقا 16 عن
انسان غني كان يتنعم بهذه الحياة دون أن يهتم بالأمور الروحية وكان عند بابه
فقير اسمه لعازر , وكان يشتهي أن يأكل من الفتات الساقط من مائدة الغني , ومات
الإثنان , لعازر اخذ الى السماء والغني الى العذاب في حهنم ولما رفع عينيه رأى
لعازر في حضن ابراهيم فطلب منه أن يرسل له لعازر ليبرد لسانه المعذب في اللهيب
فقال له ابراهيم أن هذا غير ممكن,( فقال أسألك اذا ياأبت أن ترسله الى بيت أبي
لأن لي خمسة اخوة حتى يشهد لهم لكيلا يأتوا هم أيضا الى موضع العذاب هذا فقال
له ابراهيم عندهم موسى والأنبياء ليسمعوا منهم فقال لا ياأبي ابراهيم بل اذا
مضى واحد من الأموات يتوبون فقال له ان كانوا لايسمعون من موسى والأنبياء ولا
إن قام واحد من الأموات يصدقون ) أي عندهم الكتاب المقدس الوسيلة الوحيدة التي
وضعها الله لكي تهدي الناس الى طريق السماء, فعليهم أن يؤمنوا بها , "ولا إن
قام واحد من الأموات يصدقون " أي حتى ولو افترضنا أن أحد القديسين قام من
الأموات سوف يجدون حجة لكي لايصدقوا. كما فعل الفريسييون مع الرب يسوع , فمع كل
التعاليم السامية التي علمها والعجائب التي فعلها جاؤا اليه يطلبون أية لكي
يؤمنوا فقال لهم ( جيل شرير فاسق يطلب آية ولاتعطى له إلا آية يونان النبي )وكذلك
في أعمال 10 عن قائد مئة روماني رجلا تقيا وخائف الله وكان يصنع حسنات كثيرة
لكنه كان بحاجة لكي يخلص ظهر له ملاك برؤيا لكنه لم يستطع أن يخبره عن المخلص
فقال له اذهب وأت ببطرس لكي يخبرك عن المخلص , لأن الله يستخدم البشر المخلصين
الذين هم على قيد الحياة لخلاص البشر بواسطة كلمة الله ( موسى والأنبياء ) كما
حصل في زمن المسيح والآن كملت كلمة الله يمكننا أن نعتمد عليها وحدها. (
فالإيمان بالخبر والخبر بكلمة الله ) رومية 10 : 17
وهناك أمر مهم جدا : بما أن القديسين الأموات لايعرفون عنا شيئا ولايسمعوننا
فهم حتما لايستطيعون سماع صلاتنا عندما نصلي في قلوبنا , لأن الله وحده ( فاحص
القلوب ومختبر الكلى ) لذلك يقول في ( ياسامع الصلاة اليك يأتي كل بشر ) ولم
يقل ياسامعي الصلاة اليكم يأتي كل بشر, ثم هنا يقول كل بشر , فجمبع القديسين هم
بشر مثلنا, وبما أنهم مثلنا بحاجة أن يصلّوا لله فلا يمكننا بالحري أن نصلي لهم
, فمن هو بحاجة أن تغفر خطاياه لايستطيع أن يغفر لغيره , والمسيح وحده بدون
خطية هو الذي يستطيع أن يغفر , وأن يخلّص , وأن يقوّي , وأن يساعد , وأن يعضد .
فالمريض الذي شفي لايستطيع أن يشفي غيره , علينا أن نذهب الى الطبيب الذي شفاه
حتى ننال نحن أيضا الشفاء, الذي هو الرب يسوع .
ثم أن الرسل بالعهد الجديد والتلاميذ من بعدهم لم يصلوا ولا لأي قديس ميت, ولم
يطلبوا شفاعة أي قديس ميت, ولا حتى علّموا شيئا عن هذا الأمر على الإطلاق, ولا
يوجد ولا شاهد واحد في العهد الجديد ولا حتى في القديم يوصي أو يطلب من, أو
يسمح بصلاة لأي قديس ميت أو طلب شفاعته . بل على العكس يوصي أن الصلاة هي لله
وحده ( للرب الهك تسجد واياه وحده تعبد) وأكثر من هذا يقول بولس في رسالته الى
أهل غلاطية 1: 8 -9 ( ولكن إن بشرناكم نحن او ملاك من السماء بغير ما بشرناكم
فليكن أناثيما كما سبقنا فقلنا أقول الآن أيضا ان كان احد يبشركم بغير ماقبلتم
فليكن أناثيما ) أي اذا كان كلام أحد ما, مهما على شأنه يتعارض مع كلمة الله
ليكن مرفوضا .
إن هذا يسلب مجد الله , وهو ما يكرهه لأنه إله غيور يغار على مجده لأنه هو
الخالق وهو موضع العبادة وبهذا نخالف أول وصية " أن نحب الرب إلهنا من كل
قلوبنا ومن كل نفوسنا " فلنقرأ الكتاب المقدس ونفحص هذا الأمر عليه .