كانت هناك فتاة صغيرة اسمها ماري في
الثامنة من عمرها من عائلة فقيرة في قرية ويلز، تلك القرية التي لم يكن يوجد فيها
أي مدرسة للتعليم . وكانت ماري تحب الكتاب المقدس كثيراً و قد حفظت في صغرها قصص
كثيرة من الكتاب المقدس التي كان يسردها لها أبوها لأنه لم يكن لديها كتاب مقدس ،
إلا إنها كانت ترافق أمها إلى الاجتماع الكنسي العام الذي كان مسؤول عنه القس توماس
تشارلس ، الذي كثيراً ما أحنى رأسه للتفكير في حل مشكلة الشعب الذي يجهل القراءة و
الكتابة في قرية ويلز .
بعد سنتين من عمر ماري و قد أصبح عمرها 10 سنوات و لم يكن في القرية مدرسة قد أنشئت
بعد جاء والدها في يوم من الأيام و الفرح و البهجة تشع من وجهه فأدركت ماري أن وراء
هذه الإبتسامة سر. فألحت ماري على والدها لتعرف ما سبب هذه الفرحة و شرح لها إنه
رأى مدرسة قريبة من القرية في أبرجنولوين و في غضون ثلاثة أسابيع ستفتح ، فشعت
الفرحة في وجهها التحقت بعد ذلك بالمدرسة و أصبح لها أصدقاء كثيرين.و في أحد الأيام
حظر ناضر المدرسة على صفها ليعلمهم بأنه ستبدأ مدرسة الأحد للأطفال فكان هذا أحلى
خبر سمعته ، لكنه طلب أن يحظروا معهم كل واحد منهم كتابه المقدس الأمر الذي أضطر
ماري أن تستعيره من جارتها ، لكن خطر في فكرها بعد ذلك أن تبدأ بتوفير المال بأن
تقوم ببعض الأعمال لتحصل على نقود كافية لتشتري الكتاب المقدس وفعلاً و بعد ستة
سنوات استطاعت أن توفر المال الكافي وذهبت لتقابلت الناظر لويس وليامز لتسأله أين
يمكن لها أن تشتري الكتاب المقدس في هذه المنطقة ، لأنه لا يوجد مكان لبيع الكتاب
المقدس في قريتها بالإضافة إلى ذلك إنه يندر جداً بلغة ويلز؟ فقال لها أن تذهب إلى
القس توماس تشارلس الذي أنتقل إلى بالا التي كانت تبعد من لانفيهانجل 80 كيلو متراً
فصممت على الذهاب وهي واثقة بأن الله سيرعاها و يحميها في هذا الطريق المخيف
والطويل.
وبعد أن صلت إلى بيت الراعي ادواردس الذي بدوره سيوصلها إلى بيت الراعي تشارلس الذي
ستكون نزيلة عنده بعد هذه الرحلة الشاقة متأملة أن تحصل على الكتاب المقدس في الغد
عندما تقابله وبالفعل في اليوم التالي وصلت إلى بيت الراعي تشارلس و طلبت منه
الكتاب المقدس و حكت له قصتها ، و كيف وفرت المال لمدة 6 سنوات ، لكن في البداية
خذلها قائلاً لها بأن لديه كتابان فقط محجوزين لأشخاص آخرين ولا يوجد
كتاب آخر ، فشعرت ماري بحزن شديد ينتابها ، فعندما رأى القس تشارلس حزنها عطف عليها
وبعد تفكير طويل أخذ أحد الكتب وأعطاه إياها فعادت السعادة إلى قلبها و شكرته كثيراً
وعادت مسرعة إلى البيت قبل حلول الظلام ودخلت إلى
البيت فخورة وبيدها كتابها المقدس وابتدأت تقرأ لأهلها من الكتاب المقدس و صلوا و
شكروا الرب معاً بفرح.
في الحقيقة لم تكن تعلم ماري أن دموعها وجهادها لتدخر المال لشراء الكتاب المقدس
سيكون في المستقبل لتأسيس جمعية للكتاب المقدس فتفاصيل حياة ماري جونس وجهادها
وكفاحها لأجل شراء الكتاب أثر كثيراً في قلب القس توماس تشارلس لذلك قرر أن يسافر
إلى لندن لطلب كمية كبيرة من الكتاب المقدس وبالفعل في ديسمبر سنة 1802 هناك في
اجتماع (جمعية النبذ الدينية ) قص عليهم قصة ماري جونس و أوضح لهم كيف أنها كانت
نموذج واحد من الحاجة الماسة لشعب ويلز الذي يلح على طبع الكتاب المقدس بلغتهم
فوافق أعضاء اللجنة على طبع الكتاب المقدس بلغة ويلز وعلى تكوين جمعية جديدة سميت
فيما بعد جمعية التورات البريطانية والأجنبية وذلك في 7 ديسمبر في سنة 1802 ، بعدها
رجع مستر تشارلس إلى ويلز وكان مسروراً إذ أن عمل جمعية الكتاب المقدس قد إبتدأ
فعلاً.
لما تأسست جمعية الكتاب المقدس كان الكتاب في 72 لغة وكان ذلك يشمل معظم لغات أوربا
أول ما قامت به جمعية الكتاب المقدس هو طبع الكتاب المقدس بلغة ويلز ومنذ ذلك الوقت
كان العمل يسير قدوماً بالتعاون من هيئات متعددة من أنحاء العالم من جمعية اسكتلندا
1826 وجمعية الكتاب الأمريكية 1816 وجمعية هولندا 1814 وغيرها ، وكل هذه الجمعيات
تكون عائلة واحدة في أنحاء العالم تسمى {جمعيات الكتاب المقدس المتحدة}.
حقاً لقد غرس أهل ويلز في شخص تلك الفتات بذرة نمت فروعها إلى كل أنحاء العالم إذ
وصل توزيع الكتب المقدسة إلى مئات المليارات من النسخ لأكثر من 1500 لغة.