قال الرب, قبل ذهابه الى المجد,
لتلاميذه: "ان لي أمورا كثيرة ايضا لاقول لكم ولكن لا تستطيعون ان تحتملوا
الآن.واما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق لانه لا
يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بامور آتية. ذاك يمجدني لأته
يأخذ مما لي ويخبركم" (يو 12:16و13و14).
وان لعمل
الروح القدس وسكنه في المؤمنين بالمسيح تسميات عديدة في كتاب الله ومنها : تبكيت
الروح القدس. مسحة الروح القدس. قبول الروح القدس. عربون الروح القدس. ختم الروح
القدس. معمودية الروح القدس. الامتلاء بالروح القدس.
أولا -: تبكيت الروح
القدس.
فقد قال الرب له المجد:"عندما يأتي الروح
القدس سوف يبكت العالم على خطيئة وعلى بر وعلى دينونة".
وتابع الرب كلامه لتلاميذه: " اما على خطية فلانهم لا يؤمنون بي . واما على
بر فلاني ذاهب الى ابي ولاترونني ايضا".-اي سوف لا ترونني بعد آتيا الى
العالم مرة أخرى في الجسد لخلاصه وتبريره كما فعلت اليوم-. "واما على دينونة
فلأن رئيس هذا العالم قد دين" - (
راجع يو16: 8 -11.ومت 29:12 ورؤ2:20). فان المسيح كنسل المرأة, وفي حياته الطاهرة
على الارض وحمله أخيراً اللعنة على الصليب وهو البريء ,فقد أدان الشيطان وملائكته,
وحررنا من نيره الى الابد ( راجع ايضا يو 16 :8- 11ورؤ12 :7-12).
وهذا بدوره يدل على ان
الذين بكتهم الروح القدس ومسحهم نتيجة لقبولهم المسيح مخلصا, ومارسوا التوبة والمعمودية, التي تمثل موت المسيح ودفنه وقيامته, فقد نال
هؤلاء عطية الروح القدس عربونا لميراثهم الابدي.وبالتالي فقد اصبحوا
اولاداً لله بالتبني يالمسيح يسوع كآدمٍ ثانٍ بديلٍ, وهياكلََ للروح القدس.
او بتعبير رسوليٍّ آخر, قد اصبحوا شركاء الطبيعة الآلهية والميراث الابدي (راجع
افس18:1و2بط4:1ومز6:82).
فان هدف المسيح من
مشاركتنا في طبيعتنا البشرية كان, ليعطينا فرصة جديدة لنشاركه نحن بدورنا في
طبيعته الإلهية الكاملة, وإرجاعنا إلى تلك الصورة التي كانت لنا بأبينا آدم
الاول, قبل السقوط. فإن المسيح بفدائنا على الصليب , وحمله لعنتنا قد أرجع لنا ذلك
الكنز المفقود.
من هنا عندما نؤمن بشخص المسيح الفادي,
ونتمم اوامره بالتوبة والطاعة والعمادِ , نكون حينئذ في طاعتنا ومحبتنا هذه قد
قبلنا لا الروح القدس فقط, بل الآب وإبنه مع روح قدسه الساكن فينا
ايضا. آمين.
من هنا قول المسيح لتلاميذه: "إن أحبني
أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده
نصنع منزلا". (يو23:14)
ويكتب الرسول إلى
المؤمنين في المسيح قوله: اما تعلمون انكم هيكل الله وروح الله يسكن
فيكم. إن كان أحد يفسد هيكل الله فسيفسده الله لأن هيكل الله مقدس الذي أنتم
هو. لا يخدعنَّ أحدٌ نفسه. إن كان أحد يظن إنه حكيم بينكم في هذا الدهر فليصر جاهلا
لكي يصير حكيما (1كو16:3). وكتب ايضا: أم لستم تعلمون ان جسدكم هو هيكل للروح القدس
الذي فيكم الذي لكم من الله. وانكم لستم لانفسكم.لأنكم قد اشتريتم
بثمن فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله (1كو
19:6و20).
سابعا : الامتلاء بالروح القدس
ان الامتلاء من الروح
القدس ليس مبنيا دائما على حلول الروح القدس, كما حدث في يوم الخمسين وبيت
كرنيليوس والسامرة. فقد كان يحدث احيانا قبل مجيء الروح القدس وإعلان ملكوت
السموات وسلطانه في يوم الخمسين. يخبرنا البشير لوقا ان يوحنا المعمدان, قد امتلأ
من الروح القدس وهو في بطن امه (لوقا 15:1). ويكتب ايضا ان أباه زكريا الكاهن,
عندما حُلت عقدة لسانه, قد امتلأ من الروح القدس وابتدأ يتنبأ (لوقا 67:1).
وعن اليصابات امه بدورها, عندما رأت المطوبة الذكر مريم العذراء ام يسوع, تحرك
الجنين في بطنها وامتلأت من الروح القدس (لوقا 41:1).
من جهة ثانية نقرأ عن
الذين اعتمدوا بالروح القدس, في يوم الخمسين, ومن بينهم رسل المسيح أنفسهم, كانوا
من وقتٍ الى آخر يفتقرون الى الامتلاء من جديد من الروح القدس. اذ نقرأ في اعمال
الرسل إن الرسولين, بطرس ويوحنا, عندما سألهما اليهود عن الاسم الذي بواسطته قد
اقاما الاعرج على باب الهيكل, ان بطرس امتلأ من الروح القدس وابتدأ يتكلم
عن اسم يسوع. (اعمال الرسل 8:4). وفي العدد31 من الاصحاح نفسه, يكتب لنا القديس لوقا انه بعد ان صلَّى
التلاميذ تزعزع المكان وامتلأ الجميع من الروح القدس. وإن الرسول
بولس بدوره قد امتلأ من الروح القدس, ( راجع اعمال 17:9). ونقرأ ايضا من
جديد ان شاول "الذي هو بولس ايضا يمتليء من الروح القدس" (اع
9:13).
اخيرا : شروط قبول
الروح القدس.
(ا) : الاصغاء لنخسات
الروح القدس في القلوب, وتبكيتاته في الضمائر كما قرأنا إعلاه (راجع أع37:2 ). فقد
قال الرب: "عندما يأتي
الروح القدس سوف يبكت العالم على خطيئة وعلى بر وعلى دينونة".
ويتابع الرب كلامه: "اما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي. واما على بر فلأني
ذاهب الى ابي ولا ترونني ايضا. واما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين".
(
راجع رؤ12 :7-12 و16 :8-11).
(ب) : الايمان بالمسيح
الفادي وليس سواه. فإنه مكتوب: "وليس باحد غيره الخلاص. لان ليس اسم آخر تحت السماء قد
أعطي بين الناس به ينبغي ان نخلص:"( اعمال 4 :12). ومكتوب ايضا: "ان كل من يؤمن به ينال بأسمه
غفران الخطايا" ( اع 42:10).
(ت) :- التوبة, ومعمودية الماء, التي
ترمز الى ثوب البر الذي بدوره يمثل المسيح بالذات. فإنه مكتوب:
"لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح"
(غلا27:3), ومكتوب ايضا: قد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع اعمال الظلمة ونلبس
اسلحة النور.لنسلك بلياقة كما في النهار لا بالبطر والسكر لا بالمضاجع والعهر لا
بالخصام والحسد. بل البسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيرا
للجسد لاجل الشهوات (راجع رو13 :12-14) هذان شرطان ضروريان
يتبع احدهما الآخر.
نقرأ في اعمال الرسل
:ان نحو ثلاثة آلاف نفس بعد ان سمعوا عظة الرسول بطرس عن حقيقة كون يسوع المسيح هو
المسيَّا المنتظر, الذي مات عن خطايا البشر.وبعد ان إكمل عمله الفدائي على الأرض, ارتفع الى السماء, وسكب هذا الذي أنتم الآن تبصرونه
وتسمعونه. وتابع الرسول بطرس قوله: فليعلم يقينا جميع بيت اسرائيل أن الله جعل
يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم ربأ ومسيحا.
عندها نُخِس السامعون
في قلوبهم. فجاؤا الى تلاميذ الرب يسألونهم قائلين: "ماذا ينبغي ان نفعل ايها
الرجال الاخوة", فقال لهم بطرس:"توبوا وليعتمدكل واحد
منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح
القدس. لان الموعد هو لكم ولاولادكم ولكل الذين على
بعد كل من يدعوه الرب إلهنا.
فقبلوا كلامه بفرح واعتمدوا وانضم في ذلك اليوم
نحو ثلاثة ألاف نفس وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات"
(راجع أعمال الرسل37:2-41).
نفهم مما تقدم, ان هذه
العبارة, "معمودية الروح القدس ونار (راجع مت11:3ولو16:3). أو حلول
الروح القدس وسط النار, وظهور ألسنة منقسمة كأنها من نار, استقرت
على كل واحد من التلاميذ. وسماع اصوات من السماء كما من هبوب رياح عاصفة ملأت كل البيت (راجع اع 2:2و3),هذه
العبارات جميعها لم تحدث مجتمعة سوى مرة واحدة في كلمة الله. وذلك في العلية بحضور
مئة وعشرين نفسا, حيث كانوا مجتمعين للصلاة والتمخض أمام الرب, في يوم
الخمسين.
وهذا العرض من
المشاهد, والأصواتِ القوية المدهشة, من صلوات حارة,. ترتفع في لغاتٍ متعددة في يوم
الخمسين. نقرأ ان البعض منه كان يحدث عادة عند إعطاء الشريعة في القديم (راجع خر
16:19).
وهذا ما كتبه أشعيا عن
الكنيسة, وقد دعاها صهيون التي تمخضت وولدت بنيها.(راجع ايضا إشعيا6:66-11 وعب18:12-24).
وقد جرى هذا عندما جاء ملء الزمان الاخير. وحل الروح
القدس في اليوم الخمسين. فيقول
الله: ويكون في الايام الاخيرة اني اسكب من روحي على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويرى شبابكم رؤى ويحلم شيوخكم
احلاما( اعمال 2 :17 ويوئيل 2 :28).وكان هذا آنذاك بحسب امر الرب يسوع
لتلاميذه ووعده لهم بقوله: "لا تبرحوا من اورشليم بل انتظروا موعد الآب الذي سمعتموه مني. لان يوحنا عمد بالماء واما انتم
فستعمدون بالروح القدس ليس بعد هذه الايام بكثير"(اع
4:1و5).
فنرى
الرب هنا لم يذكر, عبارة نار وعواصف تنزل من السماء مع الروح القدس, لتلاميذه,
حيث ان النيران والعواصف المقدسة والملهبة للقلوب في كلمة الله, هي مرافِقة الروح
القدس في رحلته مع الكنيسة. حاضرا
ومستقبلا الى مجيء الرب. وفي معظمها
تشير الى المحبة الشديدة المقدسة في كنيسة المسيح, والغيرة النشيطة
لبعضهم البعض والمحبة لخلاص النفوس. فان المحبة", كما كتب الرسول بولس: "لا تسقط ابدا" (1كو8:13). وكتب لهذه الكنيسة,كورنثوس, قوله
ايضا: "فإني اغار عليكم غيرة الله لاني خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء
عفيفة للمسيح". وزاد قوله ايضا: "من يضعف وانا لا اضعف.من
يعثر وانا لا التهب (2كو29:11)"
ويكتب
الوحي في سفر أناشيد سليمان "لان المحبة قوية كالموت. الغيرة قاسية كالهاوية. لهيبها
لهيب نار لظى الرب مياه كثيرة لا تستطيع ان تطفئ المحبة
والسيول لا تغمرها. ان اعطى الانسان كل ثروة بيته بدل المحبة تحتقر احتقارا
(نش6:8)
بعد ان انتهى هذا العرض
المبارك, والإستقبال الناري الحافل, للروح القدس, في يوم الخمسين, لم نعد
نقرأ أن أحدًا من الرسل, أو من تلاميذ الرسل, حثَّ
المؤمنين بالمسيح, او الموعوظين في كنائس المسيح, على معمودية الروح القدس والنار.
فإن الروح القدس الممجد, قد انسكب مع ناره المقدِسة والمطهِره في يوم الخمسين,
وملأت ثماره كنيسة المسيح, وأغنت العالم إلى الابد. بل أخذوا يحثون العالم , على الايمان
بالمسيح, والتوبة ومعمودية الماء وقبول الروح القدس. ( راجع اع 38:2و17:8 و17:9.
وحلول الروح القدس. (
اع15:11و6:19).
والتأييد بالروح القدس
(افس 16:3)
والامتلاء من الروح القدس ( افس 18:5).
أما
من الوجه الآخر والأخير ليوم الرب العظيم المخوف, فهو ليس الآن,
بل هو محفوظ
الى الساعةِ الاخيرة , وإنتهاء الرجاء والإيمان (راجع 1كو13:13).
التي عندها تزول السموات بضجيج وتنحل العناسر محترقة. وتحترق الارض والمصنوعات
التي فيها (راجع 2بط10:3).
وان تلك النار
التي ستنزل من السماء أخيرا, ليست هي نار لإلهاب
القلوب وخلاص الكثيرين من الذنوب كما هي نار الروح القدس اليوم وفي يوم الخمسين.
بل هي نارٌ لهلاك الناس الآثمين. في يوم
الدين.كما كتب الرسول بطرس: اما السموات والارض الكائنة الآن فهي مخزونة بتلك
الكلمة عينها محفوظةً للنار الى يوم الدين وهلاك الناس الفجار
(2بط7:3-13).
وتابع الرسول قوله:
فبما ان هذه كلها تنحل أي اناس يجب ان تكونوا انتم في سيرة مقدسة وتقوى منتظرين
وطالبين سرعة مجيء يوم الرب. الذي به تنحل السموات ملتهبة والعناصر محترقة تذوب.
ولكننا بحسب وعده ننتظر سموات جديدة وارضا جديدة يسكن فيها البر.
وقال يسوع لليهود ذات يوم : "أما قرأتم قط في الكتب. الحجر الذي رفضه
البناؤون هو قد صار راس الزاوية من قبل
الرب كان هذا وهو عجيب في اعيننا. لذلك اقول لكم ان ملكوت الله ينزع منكم ويعطى
لأمة تعمل اثماره. فمن سقط على هذا الحجر يترضض ومن سقط
الحجر عليه يسحقه.(مت44:21)
وهكذا ايضا الإيمان ومعمودية الماء, وقبول الروح
القدس.وما يتبعه من نيران ملهبة وحياةٍ مقدسة. إما ان تكون سببا لإلهاب قلوبنا
وخلاص نفوسنا والآخرين اليوم, واما ان تصبح هذه النار الملهبة, نيرانا ملتهبة لهلاكنا
أخيرا وبئس المصير.
فيكتب اشعيا قديما
مخاطبا شعبه بقوله: "إن شئتم وسمعتم تأكلون خير الارض . وإن ابيتم وتمردتم
تؤكلون بالسيف لان فم الرب يتكلم" (اش19:1). أو تَأكُل او تُؤكَل. او إنك تسقط
على وجهك امام حجر الزاوية, الذي هو المسيح, اليوم, وتطيعه فتخلص أنت وأهل
بيتك. او ان هذا الحجر العظيم المقطوع بغير يدين, يسقط اخيرا عليك ويسحقك. فاختر
لنفسك يا صديقي الآن وقبل فوات الأوان وإنتهاء الزمان. آمين.
البعض من إعلانات الله
عن الله في كتب الله نفسه
نتعلم من
إعلانات الله عن الله في كتبه المقدسة, انه اله واحد فقط, لا شريك له سوى
من طبيعته وأحديته. لكن أحديته سبحانه كما نقرأ هي أحدية جامعه, وليست
بسيطه.كما يستبان من اقوال الانبياء. وكلنا يعلم ان الانسان بعد السقوط في الخطيئة
بابيه آدم الاول, بات يفتقر الى التفكير الصحيح في الامور الروحية المختصة بالله
سبحانه, ولا يستطيع البتة الاستغناء عن اعلانات الله, بواسطة أنبيائه.
انما نرى إنسان اليوم, عوضا من ان يقرأ كتب الله
ويطلبَ منه الهداية والارشاد الى معرفته بالحق, يخبط خبط عشواء. بعيدا عن كتاب
الله. المعلن فيه بر الله من ايمان لإيمان". (رو1: 17). اي من ايمان الطفولة
في عهد الناموس, الى إيمان الينوعة والرجولة في عهد روحه القدوس. وقد اكتملت فيه اعلانات الله للبشر. فإنه مكتوب: "إلى الشريعة وإلى الشهادة.فإن لم يقولوا مثل هذا
القول ليس لهم فجر".
ومكتوب
ايضا: "سأبيد حكمة الحكماء وارفض فهم الفهماء,
اين الحكيم اين الكاتب اين مباحث هذا الدهر ؟؟؟. ألم يجهل الله حكمة هذا العالم ؟. لانه إذ كان العالم في حكمة
الله لم يعرف الله بالحكمة فاستحسن الله ان يخلص المؤمنين بجهالة الكرازة "( 1كو 1: 19-21), يعنى بها
الرسول كرازة صيادي السمك. المزدرى بهم من
العالم. فإنهم يصطادون الاحياء لإماتتها. أما مهمة المسيحي الحقيقي فهي صيد الاموات في الذنوب
والخطايا لإحيائهم (راجع افسس1:2-5). فقد اختارهم الرب لكي يحملوا الحياة من جديد
عوض الموت للخليقة كلها". هذا ليكون فضل القوَّة لله وليس للبشر.
هؤلاء المختارين الذين علمهم الروح القدس من
جديد, واختبروا حكمة الله من جديد, من الذي صار لهم من الآب حكمةً وبرا
وقداسة وفداءَ "(راجع 1كو 1: 30).
فإن اعلانات الله عن
ذاته هي واضحة وجلية. إنها أحديَّة ازلية جامعه, وليست بسيطه. فعندما كان الرب
يتكلم مع ابيه السماوي سبحانه, شبَّهَ وحدة المؤمنين به, بوحدته مع الآب بقوله:
"ايها الآب القدوس احفظهم في
اسمك الذين اعطيتني ليكونوا واحدا كما نحن"( يو 17: 11 ).
وتابع الرب في حديثه
مع الآب السماوي بقوله: "ليكون الجميع واحدا كما انك انت ايها الآب فيَّ وانا فيك ليكونوا هم ايضا واحدا فينا.
وانا قد اعطيتهم المجد الذي اعطيتني ليكونوا واحدا كما اننا واحد . انا
فيهم وانت فيَّ ليكونوا مكملين الى واحد" ( يو17 : 21-23 ).
وتكلم الرب ايضا في
وحدة الرجل والمرأة المرتبطين في زواج مقدس ما يلي: "من اجل هذا يترك الرجل
اباه وامه ويلتصق بامراته ويكون الاثنان جسدا واحدا (تك24:2). وأكمل الرب قائلا: اذاً ليسا بعد اثنين يل
جسد واحد "(راجع ايضا متى
19 : 5 ).
ولئن كان الواقع
المألوف يظهر لنا جسدين اثنين هما رجل وإمرأة, لكن ذلك لا يتنافَى ومعنى الوحدة المقصودة التي عناها الرب. من هنا ان هذا
الواحد هو ليس واحدا عدديا صرفاً, بل هو واحد في الجوهر
والقصد والارادة , واحد في الاتحاد والقوة .كما تابع الرب قوله: "ما جمعه الله
لايفرقه انسان".
وكذلك في الآية الاولى يصلي المسيح لاجل تلاميذه, وهم اصبحوا يعدون
بالملايين الملايين, ليكونوا واحدا فيه وفي الآب , كما هو والآب واحد.
فهذا الواحد الجامع كواحد. هو
ايضا على مثال وحدة الله الحي, تبارك اسمه, في الآب والإين والروح القدس.كما وان
هذا الأخير, الاله الحي الواحد الجامع هو نفسه الاله الحي الازلي الذي
"قبله لم يصور اله وبعده لن يكون" ( اش43 : 10)الخ.
بعض المراجعات لتوضيح
بعض اعمال الروح القدس في الكنيسة والعالم.
ان أقنوم الروح القدس,
الذي هو موضوع تأملنا, له كل المجد, هو شخصية الهية كاملة, كالآب والابن في كمال طبيعتهم اللاهوتية الازلية الواحدة.
وله عمل منفرد في خلاص البشر كاعمال الآب والابن المنفردة ايضًا.
قال الابن في هذا مشيرا الى استقلالية الاقانيم
في الاعمال: "ابي يعمل الى الان وانا اعمل" (يوحنا 5: 17).
وعن الروح القدس قال الرب ايضا: "لكني اقول لكم الحق انه خير لكم ان انطلق .
لانه ان لم انطلق لا ياتيكم المعزي الروح القدس. ولكن ان ذهبت ارسله اليكم".وقال
ايضا: "متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق ويخبركم بأمور
آتية. ذاك يمجدني لانه ياخذ مما لي ويعطيكم "(راجع يو 7:16 -16) الخ
والروح القدس ايضا هو المرشد الامين مع الابن لمعرفة
الآب السماوي سبحانه الذي لم يره احد من البشر (راجع يو16: 25) والخالق مع الابن في الخليقة (راجع تكوين 2:1). وهو
مع الآب مرسل الابن (اشعيا48 : 16). وموحي الانبياء ( 2بط 1: 21) "ومبكت العالم على خطيئة وعلى بر وعلى
دينونة" ( يو16: 8) وهو ناخس القلوب
حتى تاتي الى المخلص الوحيد وتستفيد من
كفارته المجانية (اعمال 2: 37) . وساكن في المؤمنين بالمرب يسوع
المسيح ، وهم كهيكل دائم له (1كو16:3) ونحن, الذين في المسيح, مختومين به الى مجيء المسيح (افس 1: 13). فهو رئيس العمل
في ورشة خلاص المسيح. فهو يقيم من يشاء ويعزل من يشاء . فقد أمر المسؤولين يوما في
كنيسة انطاكية بقوله: " افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما اليه.
ويتابع الوحي: فهذان إذ أُرسلاَ من الروح القدس انحدرا الى سلوكية " (
اعمال4:13).
وقد كانت النتيجة التي
حصلت في نهاية المجمع الرسولي الاورشليمي الاول ما يلي: "لانه قد رأى الروح
القدس ونحن ان لا نضع عليكم ثقلا اكثر غير هذه الاشياء الواجبة , ان تمتنعوا
عما ذبح للاصنام وعن الدم والمخنوق والزنا. التي ان حفظتم انفسكم منها فنعمًّا
تفعلون كونوا معافين " (
اعمال28:15).
وقد وبخ, الرسول بطرس,
ذات يوم حننيا بقوله : "يا حننيا لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح
القدس. انت لم تكذب على الناس بل على الله (اع 5:4)" .
والروح القدس هو مرشد الكنيسة الى اتباع الحق
الكتابي في عدم اهتمام وخوف من البشر. فقد أوصىالرب تلاميذه بقوله: فمتى ساقوكم ليسلموكم فلا تعتنوا من قبل بما
تتكلمون ولا تهتموا. بل مهما أعطيتم في تلك الساعة فبذلك تكلموا.لان لستم انتم المتكلمين بل الروح القدس.
اخيرا وليس آخرا, فقد
صرح الروح القدس نفسه الى الكورنثوسيين بقوله "ليس احدٌ يقدرُ ان يقولَ يسوعُ
ربٌ الا بالروح القدس". (1كو3:12 ).
والرب يباركك ايها القاريء العزيز لتعرف الحق من الحق نفسه وليس من البشر فكتب الرسول يوحنا: "ونعلم ان ابن الله قد جاء واعطانا بصيرة لنعرف الحق.ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح.هذا هو الاله الحق والحياة الابدية. من له الابن له الحياة ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة آمين. (راجع 1يوحنا الاصحاح 5).
أخوكم في المرب جورج رشيد الخوري
الى الكتاب المقدس | الى
مجلة النعمة
| الى صفحة البداية |
إلى مكتبة النعمة