المسيحية لم تُنقَضْ ولن تُنقَضْ
من خلال قرائتنا للكتاب المقدس نرى أن الله تعامل مع البشر في القديم بعدة طرق فهو
كلمهم شخصيا, كآدم وأخنوخ ونوح لكي يخبروا غيرهم عنه وعن طريقة عبادته, فمنهم من
آمن وصدق وسار معه ومنهم من رفض, وهذا بسبب طبيعة الإنسان الخاطئة التي ورثها من
آدم , ولأن الله أصلا عندما خلق الإنسان أعطاه حرية الإختيار, وللاسف هناك من اختار
البعد عن الله, والنتيجة كانت الطوفان. وتكاثر البشر من أولاد نوح وسلالتهم ومع
الزمن أيضا ابتعدوا عن الله . ثم اختار الله ابراهيم الذي آمن بوعوده ولكي يكون
نسله شاهدا لله بين الشعوب الأخرى. فأرسلهم الى مصر وتكاثروا هناك وبذلك أعطى فرصة
430 سنة لسكان ارض كنعان للتوبة حتى يكون عادلا في الحكم عليهم بسبب شرورهم
الكبيرة,المذكورة في سفر اللاويين 18 و20 ثم أخرج الشعب من مصر بواسطة موسى وأعطاهم
الشريعة لكي يسيروا بموجبها لكنهم بمرور الزمن ضلوا وابتعدوا عنها, فارسل لهم الله
أنبياءه لكي يذكرهم بها, فمنهم من آمن ورجع الى الله ومنهم من رفض ولم يؤمنوا
بتعاليمه, فغضب عليهم وأدبهم بعدة طرق منها السبي من أرض كنعان التي أدخلهم اليها,
الى بابل, الى أن جاء المسيح المخلّص الذي وعد به الله منذ سقوط آدم وحواء,
ولإبراهيم ونسله, وأيضا بواسطة جميع الأنبياء من موسى الى يوحنا المعمدان لكي يكون
سبب خلاص لهذا الشعب ولجميع شعوب الأرض. وانتشر الإيمان المسيحي , وهنا يعتقد بعض
الناس ومؤخرا أصبحوا كثيرين مع أن الله لاتهمه الكمية بل النوعية, والمسيح نفسه قال
للمؤمنين به في لوقا 21 : 32 ( لا تخف ايها القطيع الصغير لأن اباكم قد سر أن يعطيكم
الملكوت ) فالمؤمنين الحقيقيين كانوا دائما اقل من غير المؤمنين على مر العصور
والاجيال. هؤلاء الناس يقولون أن المسيحية نقضدت ما قبلها اي اليهودية ثم نقضدت (
بضم القاف ) بالاسلام ولهذا تستعمل كلمة الديانات : اليهودية - والمسيحية –
والاسلام .
لكننا عندما نطالع الكتاب المقدس لا نجد لهذا الإعتقاد وجود لا بالمعنى ولا بالحرف,
فماذا إذا؟. فالله لم تكن إرادته تأسيس ديانات , فالكتاب المقدس إبتداءا من سفر
التكوين وانتهاءا بسفر الرؤيا كما قلنا يتكلم عن نوعين من الناس بنظر الله : مؤمنين
به وبكلامه , أو غير مؤمنين . أي أناس خطاة غفرت خطاياهم لأنهم طلبوا الغفران ,
وأناس بقوا خطاة وماتوا خطاة لأنهم لم يطلبوا الغفران . ( لأن الجميع أخطأوا
وأعوزهم مجد الله ليس بار ليس ولا واحد )رومية 3: 23 . والملفت للأمر أن الغفران
كان يتم على أساس الذييحة التي يقدمها الخاطي بديلا عنه, من آدم الى يوحنا المعمدان
والتي كانت ترمز لذبيحة المسيح على الصليب, التي على أساسها يتم الغفران الآن . ففي
الرسالة الى العبرانيين إصحاح 1: 1 يقول الكتاب ( الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء
قديما بأنواع وطرق كثيرة كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في إبنه الذي جعله وارثا لكل
شىء الذي به أيضا عمل العالمين. ) أي أن العهد الجديد يفسر ما صنع الله مع البشر
على مر العصور, لفائدتهم الروحية , فهناك من آمن ومن رفض الإيمان . لذلك أرسل لهم
الأنبياء واحدا تلو الآخر بسبب محبته لهم , واستمر بهذه الطريقة إلى أن جاء ملء
الزمان , كلمنا في هذه الأيام الأخيرة بواسطة المسيح. وانتهى تكليم الله للبشر
بالمسيح. فما قاله وماعمله المسيح هو تتميم وتكميل وليس لنقض لما بدأه الله مع
البشر. فالكتاب المقدس كله يتكلم عن اله واحد ورب واحد ومخلص واحد وإيمان واحد, ففي
سفر العبرانيين ( العهد الجديد ) الإصحاح 11 يتكلم عن هذا الإيمان من هابيل الى
أخنوخ الى نوح وابراهيم ومن ثم موسى ذاكرا بعض المؤمنين الى الانبياء فيقول بالعدد
39 من عبرانيين 11 ( فهؤلاء كلهم مشهودا لهم بالايمان لم ينالوا الموعد إذ سبق الله
فنظر لنا شيئا افضل لكي لا يكملوا بدوننا ) لأن هذا الموعد تحقق في المسيح ويتابع في
عبرانيين 12 : 1 ( لذلك نحن ايضا اذ لنا سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا لنطرح
كل ثقل والخطية المحيطة بنا بسهولة ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع امامنا ناظرين
الى رئيس الايمان ومكمله يسوع الذي من اجل السرور الموضوع امامه احتمل الصليب
مستهينا بالخزي فجلس في يمين عرش الله ) فهذا الايمان هو بدأه لأنه كان موجودا قبل
التجسد في يسوع الذي قال في يوحنا 8 : 58( قبل أن يكون ابراهيم انا كائن ) . وهو
أكمل هذا الايمان ففي يوحنا 19 : 28 يقول الكتاب ( بعد هذا رأى يسوع ان كل شيء قد
كمل فلكي يتم الكتاب قال انا عطشان ) لأنه الى هذه الساعة ساعة الصلب كان يوجد نبوة
واحدة لم تتم عنه بعد والتي ذكرت في المزمور 69 : 21 " ويجعلون في طعامي علقما وفي
عطشي يسقونني خلا " ( وكان إناء موضوعا مملوا خلا فملأوا اسفنجة ووضعوها على زوفا
وقدموها الى فمه فلما اخذ يسوع الخل قال قد اكمل ونكس رأسه وأسلم الروح ) وبهذا
اكمل يسوع الإيمان. فلايوجد ايمان آخر بعده , فمحور الكتاب المقدس من اوله الى آخره
هو شخصية واحدة هي شخصية يسوع المسيح . وإذا كان هناك من لم يؤمن أومن لم يطع
تعاليم الله قبل المسيح , هذا لا يعني أن تعاليم المسيح نقضت ماقبله من تعاليم. هو
انتقد طريقة واسلوب وحياة رؤساء الكهنة اليهود وكتبتهم المسؤولين عن الشعب روحيا
والذين سماهم كرامين والشعب هو الكرم, في المثل الذي قاله عنهم في لوقا 20: 9 (
انسانا غرس كرما وسلمه الى كرامين وسافر زمانا طويلا. وفي الوقت أرسل الى الكرامين
عبدا لكي يعطوه من ثمر الكرم فجلده الكرامون وأرسلوه فارغا. فعاد وأرسل عبدا آخر
فجلدوا ذلك أيضا وأهانوه وارسلوه فارغا. فعاد فارسل ثالثا. فجرحوا هذا ايضا واخرجوه
فقال صاحب الكرم ماذا أفعل. أرسل ابني الحبيب . لعلهم اذا رأوه يهابون. فلما رآه
الكرامون تآمروا فيما بينهم قائلين هذا هو الوارث هلموا نقتله كي يصير لنا الميراث
فأخرجوه خارج الكرم وقتلوه. فماذا يفعل بهم صاحب الكرم. يأتي ويهلك هؤلاء الكرامين
ويعطي الكرم لآخرين. فلما سمعوا قالوا حاشا. فنظر اليهم وقال اذا ماهو هذا المكتوب
الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية. وطلبوا أن يقتلوه لأنهم عرفوا أنه
قال هذا المثل عليهم ) فهم يعرفون حسب نبوة أشعياء النبي ان الكرم هو شعب اسرائيل
وأن صاحب الكرم هو الله وفهموا أن يسوع يتكلم عن نفسه كإبن صاحب الكرم وانه عرف
نواياهم بانهم يريدون قتله . وهذا ما حصل فعلا , حتى انهم تمموا كلامه
بحذافيره إذ
انهم اخرجوه خارج اورشليم وقتلوه. ونرى هنا ومن خلال كامل الكتاب المقدس ان الشخص
الأخير المرسل من قبل الله هو المسيح والكرم اصبح الكنيسة والكرامين الآخرين هم
رعاة الكنيسة الذين يقيمهم هو نفسه وليس الذين يقيمون أنفسهم . فلنرى ما يقول
الإنجيل عن هذا الأمر. ففي وعظته على الجبل قال المسيح في الإنجيل بحسب متى 5 : 17
( لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل فإني الحق
أقول لكم الى أن تزول السماء والأرض , لايزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس
حتى يكون الكل )
فنرى هنا من كلام المسيح نفسه أنه لم يأتي لكي ينقض ما قبله. إنتقد تصرفات الكهنة
اليهود لأنهم وضعوا التقليد فوق تعليم الكتاب , أو في موازاة الكتاب, حتى انه لم
يقل لهم انكم حرفتم كلام الله لانه يعرف انهم لا يستطيعون ذلك لان الله ( ساهر على
كلمته ليجريها ) اي انه يحافظ عليها لتتميمها واذا اتهمهم بتحريفها يكون بذلك قد
اهان الله بعدم قدرته على المحافظة عليها وحاشى للمسيح ان يخطىء . فهو لم ينقض
الكتاب بل على العكس استشهد به حين قال لهم في يوحنا 5 : 46 ( لوكنتم تصدقون موسى
لكنتم تصدقونني لأنه هو كتب عني ) وهذا دليل صحة الكتاب . وهو دعى الناس الى
الإيمان به ( أي الكتاب ) حين قال في يوحنا 7 : 38 ( من آمن بي كما قال الكتاب تجري
من بطنه أنهار ماء حي ) أي من يؤمن بالمسيح حسب تعليم الكتاب يحصل على الحياة
الأبدية ويخبر غيره عنه لكي يحصلوا هم أيضا على الحياة الأبدية . وعندما قال هذا
الكلام لم يكن العهد الجديد قد كتب بعد أي أنه يقصد بالكتاب العهد القديم. وفي
يوحنا 5 : 39 قال لهم ( فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية وهي التي
تشهد لي ).وهذا الكلام وجهه لليهود والكتب هي كتب موسى والأنبياء ( العهد القديم )
فكيف أن المسيح يدعوا الناس الى تفتيش وقراءة كتابا يشهد له ثم ينقضه ؟
وبعد قيامته لاقى تلميذين متجهين الى قرية عمواس يتكلمان باستغراب عن ماحصل في
أورشليم وعن أحداث الصلب والقيامة فقال لهما , ( أيها الغبيان والبطيئا القلوب في
الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء , أما كان ينبغي أن المسيح يتالم بهذا ويدخل الى
مجده , ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع
الكتب ) لوقا 24 : 25 . وهنا نرى أيضا أن المسيحية لا يمكن أن تنقض كتب موسى
والأنبياء ولا أي كتاب من كتب العهد القديم لأنها كلها وبشهادة المسيح نفسه كتبت
عنه.
وعندما جاء يهوذا الإسخريوطي مع الجند ليقبضوا على يسوع قال لهم ( كأنه على لص
خرجتم بسيوف وعصي لتأخذوني . كل يوم كنت أجلس معكم أعلّم في الهيكل ولم تمسكوني ,
وأما هذا كله فقد كان لكي تكمل كتب الأنبياء . ) متى 26 : 55 . أي بموت المسيح
الكفاري تكتمل نبوة الأنبياء , وهو نفسه آخر كلمة قالها على الصليب قد أكمل . فكل
أنبياء العهد القديم تنبأؤا عن مجيىء مخلص واحد من مولده الى موته مصلوبا فداء عن
البشرية,هو يسوع المسيح , وليس أن كل نبي تنبأ عن النبي الذي سيأتي بعده كما يعتقد
البعض , النبي الوحيد الذي جائت نبوة عنه هو يوحنا المعمدان آخر نبي في العهد
القديم لكي يمهد الطريق امام المسيح .
وليس هذا فقط بل أن المسيح استشهد بحوادث كثيرة من كتب العهد القديم مصادقا بذلك
على صحة هذه الكتب , فلا يمكن أن المسيحية بذلك تنقض كتابا صحيحا بشهادة مسيحها .
نذكر من هذه الحوادث :
عندما سأله الفريسيين عن الطلاق استشهد من سفر التكوين ( أما قرأتم ان الذي خلق من
البدء خلقهما ذكرا وانثى .من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بإمرأته ويكون
الإثنان جسدا واحدا ) متى 19: 4
وأثناء انتقاده معلمي اليهود قال لهم ( لكي يأتي عليكم كل دم ذكي سفك على الأرض من
دم هابيل الصديق الى دم زكريا بن برخيا ) متى 23 : 35 مصادقا بذلك على صحة سفر
التكوين .وأيضا من نفس السفر
استشهد أيضا بقصة الطوفان عندما تكلم عن مجيئه ثانية ,( كما كان الناس أيام نوح
هكذا سيكونون يوم مجيئه ) وأيضا بقصة لوط وموت زوجته وهلاك سادوم وعمّورة ( لوقا 17
) . صادق على صحة سفر الخروج وعلى تعليم الناموس فيه , عندما شفى ابرص وقال له اذهب
وأرى نفسك للكاهن حسب وصية الناموس شهادة لهم . أيضا موضوع المن السماوي عندما قال
في يوحنا 6 ( أنا هو خبز الحياة آباؤكم أكلوا المن في البرية وماتوا ). وأيضا
متكلما لينقوديموس عن موته الكفاري على الصليب لكي يكون سبب شفاء للبشر في يوحنا 3:
14 مستشهدا من سفر العدد ومصادقا على صحته (وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا
ينبغي أن يرفع ابن الإنسان لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية ).
صادق على صحة سفر التثنية عندما قال للشاب الغني أن عليه أن يحفظ الوصايا عندما
سأله ماذا يعمل لتكون له الحياة الأبدية وعدد له بعضها في متى 19: 16. صادق على صحة
سفر المزامير بقوله لرؤساء الكهنة في متى 21 : 16 ( أما قرأتم قط من أفواه الأطفال
والرضع هيات تسبيحا ) التي وردت في المزمور الثامن عندما اعترضوا على صراخ الاطفال
في الهيكل وقولهم ( أوصنا لابن داود ) صادق على صحة سفر أشعياء عندما تكلم عن الذين
رفضوه في متى 13 :14 ( فقد تمت فيهم نبوة اشعيا القائلة تسمعون سمعا ولا
تفهمون
ومبصرين تبصرون ولا تنظرون ).صادق على صحة قصة يونان الذي ابتلعه الحوت عندما قال في
متى 12: 40 (لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا سيكون ابن
الانسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال).وتابع يقول بالعدد41 ( رجال نينوى
سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه لأنهم تابوا بمناداة يونان وهوذا أعظم من
يونان ههنا , ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل وتدينه لأنها اتت من اقاصي
الأرض لتسمع حكمة سليمان وهوذا اعظم من سليمان ههنا ) مصادقا بذلك على قصة سليمان ,
إن ما ذكر سابقا هو عينة مما قاله المسيح عن العهد القديم وليس الكل .
ايضا تلاميذ المسيح علّموا نفس التعليم فبرسالته الثانية الى تيموثاوس كتب الرسول
بولس ( كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي
في البر لكي يكون انسان الله كاملا متأهبا لكل عمل صالح ) 2تي 3 : 16 وهذا الكلام
يشمل العهد القديم لأن العهد الجديد لم يكن قد اكتملت كتابنه بعد .
وكذلك بطرس الرسول كتب في رسالته الثانية 2بط 1: 19 ( وعندنا الكلمة النبوية وهي
أثبت التي تفعلون حسنا إن انتبهتم اليها كما الى سراج منير في موضع مظلم الى أن
ينفجر النهار ويطلع كوكب الصبح في قلوبكم . عالمين هذا اولا أن كل نبوة الكتاب ليست
من تفسير خاص لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة انسان بل تكلم اناس الله القديسون مسوقين
من الروح القدس ) وفي الإصحاح الثالث كتب يقول ( هذه اكتبها إليكم رسالة ثانية أيها
الأحباء فيها أنهض بالتذكرة ذهنكم النقي لتذكروا الأقوال التي قالها سابقا الأنبياء
القديسون ووصيتنا نحن الرسل وصية الرب والمخلص ). فلا يمكن أن الرسول بطرس هنا يلفت
نظر المؤمنين الى الكلمة النبوية لكي يقرأوها ثم ينقضها . والرسول يوحنا في رسالته
الأولى 2 : 1 كتب يقول بقيادة الروح القدس ( يا اولادي اكتب اليكم هذا لكي لا
تخطئوا وان اخطأ احد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا ليس
لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم ايضا) وهذا يتلاقى مع ما ذكره في انجيله على لسان
يوحنا المعمدان في يوحنا 1 : 29 ( وفي الغد نظر يوحنا يسوع مقبلا اليه فقال هوذا
حمل الله الذي يرفع خطية العالم ) فالحمل الذي قدمه هابيل بديلا عن نفسه والذي قدمه
ابراهيم بديلا عن ابنه اسحق والذي قدمه موسى في الفصح والذي كان يقدم على مر العصور
حسب وصية الله في الشريعة الى ان جاء ملىء الزمان وارسل الله ابنه الوحيد , فكان
الملك الذي ملك على قلوب البشر وكان الكاهن بل رئيس الكهنة الوسيط بين الله والبشر
والذبيحة لكي يموت عن كل البشر. كما ذكر كاتب سفر العبرانيين في الاصحاح 4 : 14 (
فاذ لنا رئيس كهنة عظيم قد اجتاز السموات يسوع ابن الله فلنتمسك بالاقرار لان ليس
لنا رئيس كهنة غير قادر ان يرثي لضعفاتنا بل مجرب مثلنا بلا خطية ) . وبولس في
رسالته الاولى الى تلميذه تيموثاوس والينا كتب عن نفس الموضوع (2: 5 لانه يوجد اله
واحد ووسيط واحد بين الله والناس الانسان يسوع المسيح ) أي ان الله تجسد في يسوع
لكي يكون الوسيط بينه ويين الناس بسبب عدم قدرة الناس الخطاة على الاقتراب منه ,
وهذه احدى معاني كون يسوع هو ابن الله الوحيد.وهو ايضا الدياّن وسوف يأتي في يوم من
الايام بمجد عظيم ليدين الاحياء والاموات , وهو قال عن نفسه في سفر الرؤيا 22 : 12
( وها انا آتي سريعا واجرتي معي لاجازي كل واحد كما يكون عمله انا الالف والياء
البداية والنهاية الاول والآخر ) . فكيف يمكن ان يتم هذا التطابق بين العهد القديم
والعهد الجديد في محبة الله للجنس البشري وطريقة غفرانه لهم , ثم يأتي في هذه
الايام من يقول ان الله غضب على اليهود, لذلك يسمونهم المغضوب عليهم ونقض اليهودية
واستبدلها بالمسيحية. ثم بسبب ضلال المسيحيين حسب تعبير المسلمين, لذلك يسمونهم
الضالين, وابتعادهم عن تعليم الله الحقيقي ( وتحريفهم كتابه كما يقولون عن اليهود
ايضا هذا الاتهام الكاذب الذي لم يستطع ان يثبته ولا مسلم واحد ) استبدل المسيحية
بالاسلام وارسل محمد نبيا ورسولا واعطاه كتابا بديلا, فقط لكي يبرروا صحة تعاليم
الاسلام الجديدة المتناقضة مع ما ذكره الله في كل الكتاب المقدس. فإذا كان هذا
الكلام صحيحا يكون الله ضعيفا انتصر عليه الناس الاشرار واضطر ان يغير في تعليمه
لأجلهم وانه احتار ماذا يفعل لكي يرضيهم , فشل معهم في اليهودية , اولا ثم في
المسيحية ثانية , واذا تماشينا مع المسلمين في هذا الاعتقاد سيفعل الله نفس الامر
بالاسلام لان المسلمين لا يطيعون قرآنهم الذي يقودهم الى الايمان بالكتاب المقدس
ويشهد على صحته وصحة ايمان اهله ويدعوهم الى إقامته. ونتيجة لعدم طاعتهم هذه سيأتي
بديانة اخرى وكتاب آخر وينسخ الاسلام وهكذا دواليك وكأن الله يلعب مع البشر وينفذ
رغبات غير المطيعين. انني اطرح هذا السؤال لضمير المسلمين, كيف ان الله على مدى
4500 سنة يعطي تعليم وكتاب يذكر فيه انه اله محب للجنس البشري ,ثم يعطي كتابا آخر
وتعليم آخر لا يذكر فيه شيء على الاطلاق عن هذه المحبة بل يناقضها بالسماح بقتل ونهب
اموال وهتك اعراض كل من لا يؤمن بمحمد وبالاسلام. والاعتداء على كل من يعتدي على
المسلم . هل يمكن ان يتفق اليهود والمسيحيين ويجمعون كل النسخ المنتشرة في اصقاع
العالم من العهدين القديم والجديد ويجعلون الله فيها محبا وهو ليس كذلك , لماذا لم
يحذفوا اخطاء ملوكهم وكهنتهم والعبادات الباطلة التي مارسها الشعب في القديم.
الجواب لأنهم لم يحرفوا شيئا بالاصل. كيف يقول الله على كل صفحات الكتاب المقدس ان
غفران الخطايا يكون على اساس الذبيحة ودمها المسفوك بديلا عن الخاطي التي يقدمها
عوضا عنه الى ان تمت في ذبيحة المسيح على الصليب , حيث يقول الكتاب ( ودم يسوع
المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية ) 1يوحنا 1: 7 . ثم يعود ويعطي تعليم مناقض في
الاسلام , انك ستخلص اي ستحصل على الجنة لكونك مسلما, فقط عليك ان تصلي بترديدك بعض
العبارات نفسها كل ايام حياتك , وان تصوم شهرا في السنة, وهناك بديلا للصوم اذا لم
تستطع وكأن الله لا يعلم اذا كان باستطاعتك ام لا, وان تدفع شيئا من اموالك زكاة ,
وعليك ان تزور مكانين محددين مرة على الأقل في حياتك , وبسبب صعوبة زيارة احد هذين
المكانين في فلسطين أخرجوا فتوى بكفاية واحد. مخالفين ما طلب منهم اصلا, هذا اذا
كان الذي طلب منهم صحيحا. وأخيرا عليك أن تؤمن باليوم الآخر, مع أن الملحدين يؤمنون
باليوم الآخر .
وايضا الاختلاف في موضوع الزواج والطلاق . والجنة في الاسلام التي يذكر عنها انها
مليئة اكلا وخمرا ونكاحا حتى انه يبيح نكاح الاولاد , مخالفة تماما لما ذكره الكتاب
المقدس عنها بالطهارة والقداسة والعبادة والترنيم والسجود لله , وهناك الكثير جدا
من الاختلافات بين تعليم الكتاب المقدس وبين تعليم الاسلام ,لا مجال لذكرها هنا ,
يستطيع اي انسان ان يميزها عندما يقرأ عن الاثنين . فهذه الاختلافات تضع الشك في
التعليم الثاني اي الاسلام وليس في الاول. والمسلمين الذين لاحظوا هذه الاختلافات
رموا الكتاب المقدس بتهمة التحريف مستخفين بعقول الناس وتمييزهم للحق, وللاسف هناك
الكثيرين ممن يوافقون على هذا الكلام وكأنهم يقولون لمدّعي التحريف اننا حمقى لا
نفهم وليس لدينا تمييز للحقيقة .
فالله لا يمكن أن يعطي نبوة وتتم هذه النبوة ثم يعود وينقضها, فهذا مخالف حتى
للمنطق . فالخالق لا يمكن أن يخدع المخلوق الذي يعتمد على صدقه , ولا يمكن أن يعطي
تعليم ويعود وينقضه بتعليم آخر , لأن تعليم الله هو لكل العصور , وبما أن الله ثابت
لا يتغير فكلامه أيضا ثابت لا يتغير.فهو يقول بالمزمور 119 : 89 ( الى الأبد يارب
كلمتك مثبتة في السموات ) وفي العدد 152 يقول ( منذ زمان عرفت من شهاداتك انك الى
الدهر أسستها ) وفي أشعيا 40 : 8 يقول ( يبس العشب ذبل الزهر وأما كلمة الهنا فتثبت
الى الأبد ) . والمسيح نفسه قال في متى 24 : 35 ( السماء والارض تزولان وكلامي
لايزول ) فحتى الد أعداء المسيح لا يستطيعوا ان ينكروا انه بار ولم يخطىء ولا مرة
واحدة , فكلامه هذا حق . فكيف يتجرأ المسلمون ويقولون ان الله نقض تعليم المسيح
وكلامه واستبدله بالاسلام . ولا ننسى أن المسيح هو كلمة الله .
الى الكتاب المقدس |
الى مجلة النعمة |
الى صفحة البداية |
إلى مكتبة النعمة