عبودية العالم

كان أحد الأشخاص يضع مشترياته في صندوق السيارة عندما رأى في قاع أحد الأكياس بطاقة معايدة لم يدفع ثمنها. عاد الرجل الى المتجر، وانتظر دوره من جديد ليتكلم مع العاملة على الصندوق... حين أتى دوره، فسّر لموظفة الصندوق ما حدث معبّرا عن أسفه الشديد، ثم دفع ثمن البطاقة...

 أثار تصّرف هذا الرجل إستياء الشخص الواقف وراءه في الطابور. فقال له ذلك الرجل: إن ثمن بطاقة المعايدة هذه زهيدٌ جدا. أليس هذا تصرفا سخيفا أن تقف في الطابور مرة أخرى لتدفع ثمن البطاقة؟ شعر هذا الرجل الأمين بالحزن، ولم يعلم كيف يجاوب. ثم نظر الى ذلك الرجل وقال: سيدي، إن أضعت محفظتك ذات يوم، فلا شك أنك ستسعد لو وجدها إنسان سخيف مثلي...

 عزيزي، إننا نحيا في عالم قلّت فيه محبة الآخرين والأمانة والصدق، وكثرة فيه محبة النفس والحسد والغش. وذلك لأن قيم العالم وحكمته تركّز على المقتنيات الجسدية والثراء الجسدي والممتلكات الفردية. إننا نحيا في عالم يركز على الفرد نفسه ويحدد قيمة الانسان بما يملكه من أموال وعقارات ومقتنيات. وهكذا إنتشر الغش والكذب وشاعت عدم الأمانة في القليل والكثير، الكبير والصغير، بغية أن يزداد الإنسان ثراء ويفتخر على أخيه الإنسان.

 يقول سليمان الحكيم في سفر الجامعة: ورأيت كل التعب وكل فلاح عمل أنه حسد الإنسان من قريبه. وهذا أيضا باطل وقبض الريح. أي أن المنافسة الشديدة في العمل والتعب الكثير والكدّ المرهق قد يكون سببه فقط حسد الإنسان من أخيه، ورغبة منه أن يتفوق عليه ثراء وجاه وعظمة.

 إن هذا الشغف الشديد بالمقتنيات العالمية غالبا ما يقتاد الكثيرين للكذب وللخداع، بل وحتى للسرقة والإجرام بغية في الثروة... إن محبة العالم هي عبودية له، لذلك يحذرنا يوحنا الرسول قائلا: لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم. إن هذا العالم ماض... وأما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت الى الأبد.

 لكن المسيح يدعونا لحياة أفضل، إذ أن كل ما في الأرض فان... وكل ما في السماء باق... فدعونا نعمل لا للوقتي والذي يفنى ... بل ما هو للحياة الأبدية والذي يرضي الله...

Back

رجوع الى الصفحة الرئيسية