قبر المسيح الفارغ

 

طالعتنا الصحف في الأيام الأخيرة بكلام كثير عن اكتشاف قبور وتوابيت في مدينة اورشليم يقولون انها تعود الى يسوع ولعائلته مدعّين أنه تزوج من مريم المجدلية وانجب منها ابن وسموه يهوذا ( لا أعرف لماذا سموه يهوذا على اسم مسلّمه يهوذا الاسخريوطي ) .

أولا في موضوع زواج المسيح , فهذا كلام غير صحيح على الاطلاق لأن المسيح لم يأتي لكي يقيم نسلا بشريا بل جاء ( لكي يخلص ماقد هلك ) , ولانقول أن المسيح لم يتزوج لأن الزواج هو نجاسة أو دنس كما يعتقد البعض , بل على العكس فالمسيح حضر عرس في مدينة قانا في الجليل وبارك الزواج, وفيه صنع أول عجائبه حيث حول الماء الى خمر , وبذالك آمن به تلاميذه كما يقول الإنجيل بحسب يوحنا 2 . والله أصلا واضع شريعة الزواج حين خلق آدم وحواء وقال لهما ( أثمروا وأكثروا وأملأوا الأرض ) وبولس الرسول يقول في رسالته الى أهل كورونثوس ( ليكن الزواج مباركا والمخدع غير نجس ) . فالمسيح لم يتزوج لأن العهد الجديد لم يذكر ذلك ولا الرسل في كتاباتهم ولا في تعاليمهم ولا التلاميذ من بعدهم ولا التاريخ المسيحي ولا هو نفسه قال شيئا عن هذا الموضوع , والمسيح القدوس الطاهر لا يفعل أمرا كهذا ويخبئه , وممن يخاف ليفعله بالسر , وهو الذي  يعلم المستقبل , يعلم أن هذا الأمر سينكشف يوما من الأيام  ( كما حصل في هذه الأيام اذا كان الأمر صحيحا ) . أما عن موضوع مريم المجدلية وأنها كانت معهم في العشاء الأخير كما ذكر بعضهم , لأن دافنتشي رسم المسيح مع الرسل في العشاء الأخير( الفصح ) قبل الصلب , فهذا غير صحيح , لأن الأناجيل ذكرت أنه ( اتكأ مع الاثنا عشر تلميذا ) ولم يذكر على الإطلاق وجود امرأة معهم في الأحداث الأخيرة قبيل الصلب , والانجيل أصدق من دافنتشي ومن صورته ,وهو لم يكن موجودا معهم على العشاء ولا نعرف من أين أتى بهذه البدعة . وأصلا صنع الصورة هو خطية مخالفة للوصية الثانية , ولا يمكننا الإعتماد على مخالفة كتابية , وللأسف الناس تصدق الصورة ولا تصدق الكتاب المقدس . وأيضا لم يذكر أي رسول ولا تلميذ من بعدهم وجود امرأة في حياة المسيح ولا في أية كتابات من الرسائل والمخطوطات التي كانت تتداول بين المؤمنين في ذلك الوقت ولا حتى المكتشفة الى الآن ,وحتى اليهود الذين رفضوه لم يقولوا شيئا عن وجود امرأة في حياته وهم من أكثر الناس الذين يهمهم تشويه سمعته , ومع ذلك يأتي أناس في القرن الواحد والعشرين يدعّون أنه تزوج من مريم المجدلية , فقط لأنه في صورة دافتشي أحد التلاميذ يشبه امرأة فقط وليس هو أمرأة .

أما عن كلامهم أن العظام المكتشفة أنها تعود الى المسيح فهذا كلام خاطىء , وفيه ادعاء باطل ولو تلطى المدعّون وراء العلم , لأن ليس للعلم دخل في هذا الأمر , والدلائل على خطأ كلامهم وعلى أن المسيح مات وقام  كثيرة  جدا , وواضحة وضوح الشمس الا اذا كانوا عميان . مع رجائي الى القراء الكرام العودة الى الإنجيل وقراءة احداثه للتأكد من صحة الكلام ومعرفة الحقيقة الدامغة .

1-   المسيح نفسه تنبأ عن موته وقيامته :ففي متى 12 عندما طلب اليهود منه آية , قال لهم جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطى له إلا آية يونان النبي لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاثة ليال هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاثة ليال , وأيضا عندما قال لليهود انقضوا هذا الهيكل وأنا أقيمه في ثلاثة أيام متكلما عن هيكل جسده . وفي متى 16: 21 ( ومن ذلك الوقت ابتدأ يسوع يظهر لتلاميذه انه ينبغي ان يذهب الى أورشليم ويتألم كثيرا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم. وأيضا في متى 20 : 17 -19 وفي متى 26 : 31 – 32 . وفي يوحنا 10 : 17 

2-   شهادة الأحداث في الأناجيل : ففي متى 28 بعد الصلب في أول الأسبوع ظهر للمريمات اللواتي أتين الى القبر . وفي الإنجيل بحسب لوقا 24 بعد الصلب ظهر لتلميذين من قرية عمواس وتكلم معهما عن كل ما كتب عنه في كتب  موسى والأنبياء  , وفي نفس الإصحاح  كما في يوحنا 20 يتكلم عن ظهوره للتلاميذ بعد الصلب وهم مجتمعين خوفا من اليهود وأراهم يديه ورجليه وجنبه وأكل معهم .

 وحتى اليهود الذين لم يؤمنوا به اجتمعوا الى بيلاطس الوالي طالبين منه أن يضبط القبر بالشمع مدعين أن تلاميذه سيسرقونه ليلا لكنهم كانوا خائفين من أن يقوم فعلا , وخاصة أنهم طلبوا ضبط القبر الى اليوم الثالث فقط حسب قوله , فلو سرق الجسد بعد أسبوع لا يهم , ألمهم أن لا تتم نبوته .

وفي سفر أعمال الرسل 1 كتب لوقا يقول ( الكلام الذي انشأته ياتاوفيلس عن جميع ما ابتدأ يسوع يفعله ويعلّم به الى اليوم الذي ارتفع فيه بعد ما أوصى بالروح القدس الرسل الذين اختارهم الذين اراهم أيضا نفسه ببراهين كثيرة بعد ما تألم وهو يظهر لهم أربعين يوما وهو يتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله ... ولما قال هذا ارتفع وهم وينظرون واخذته سحابة عن أعينهم )

شهادة الرسل في تعليمهم : ففي أعمال 1 عندما أرادوا أن ينتخبوا تلميذا بدل يهوذا, قال بطرس ( فينبغي أن الرجال الذين اجتمعوا معنا كل الزمان الذي فيه دخل الينا الرب يسوع وخرج منذ معمودية يوحنا الى اليوم الذي ارتفع فيه عنا يصير واحد منهم شاهدا معنا بقيامته ) اي الذي سيخلف يهوذا يجب ان يكون عاش معهم من زمن دخول المسيح وأن يكون قد رآه بعد قيامته . وفي أعمال 2 وعظ بطرس اليهود في عيد الخمسين وذكر لهم أن الملك والنبي داود تنبأ عن موت المسيح وقيامته كما جاء في المزمور 16 , ويتابع بطرس ويقول , فيسوع هذا اقامه الله ونحن شهود لذلك . وطبعا الرسل ماتوا من أجل هذه الشهادة ولا يعقل أن يكونوا ماتوا من أجل كذبة اخترعوها , أن يسوع قام وهو لم يقم . وفي أعمال 4 : 33 يقول ( وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع ونعمة عظيمة كانت على جميعهم ) 

ان الرسائل في العهد الجديد مليئة بالآيات التي تتكلم عن موت المسيح وقيامته , منها  رومية 10 : 9 ( لأنك ان اعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت ) وعبرانيين 7 : 25 ( ومن ثم يقدر أن يخلص أيضا الى التمام الذين يتقدمون به الى الله اذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم ) وأخرها في رؤيا 1 : 17 يكتب الرسول يوحنا ( فلما رأيته سقطت عند رجليه كميت فوضع يده اليمنى علي قائلا لاتخف أنا هو الأول والآخر والحي وكنت ميتا وها أنا حي الى أبد الآبدين آمين ولي مفاتيح الهاوية والموت ) , فالعدد الكبير من الشواهد في العهد الجديد التي تتكلم عن قيامة المسيح لهو أكبر دليل على أن هذه العظام المكتشفة ليست للمسيح , وكل ما وجده المكتشفون فهو إما تشابه في الأسماء, أو أن هناك من افتعل هذا الأمر لغاية في نفسه , والله أصدق من البشر .