خطيَّة صغيرة واحدة

منذ  قرن ونصف أبحرت أعظم وأقوى باخرة صنعت حتى ذلك الوقت من احدى موانئ انكلترا قاصدة أمريكا في رحلتها الأولى . وقد ودّعها خلق كثير وهي تحمل الآلاف من الأنفس بين رجال ونساء وأطفال وبحارة .  وكان الناس يقولون عن ( التيتانيك ) انها غير قابلة للغرق، لدقة صنعها ومتانة بنائها.

غير ان ربانها ارتكب غلطة واحدة فقط لا غير كانت في نظره لا تستحق الإهتمام الكثير،لأنه كان يعرف قوانين البحر، ولكنه لم يستمع للتحذيرات التي أسديت إليه من الناصحين بأن يتفادى "الصخور الثلجية العائمة"  المنتشرة في عرض الأطلنطي . لقد استخف بنصيحة مثل هذه كأنها من البديهيات التي لا يُحذّر من مثلها قائد ماهر.

وفي عرض البحر أطلق ذلك الربان عنان ( التيتانيك ) التي ما إن بلغت أقصى سرعتها حتى ارتطمت بصخرة ثلجية عائمة عاتية فأحدثت في جنبها ثقباً صغيراً وبعد مدة قصيرة كانت تلك الباخرة الجبارة في قاع المحيط بما حملت من أنفس ومتاع ... وأحدثت تلك الكارثة المريعة دوياً شديداً في كل العالم ، ولا تزال اصداء ذكرى  تلك الكارثة الرهيبة تدوي الى اليوم حتى صُنِع لها فليماً مثيراً .

إن خطيّة صغيرة واحدة غيرمُشخَّصة وغير معترف بها لله وغير متروكة ، كافية لأن تفسد الشركة بين المؤمن وبين الله ... كافية لأن تعطل خدمته وتعوق استخدامه لأجل مجد الله.

 جريمة واحدة فقط تجعل مقترفها مجرم وتزج به في اعماق السجن ان لم يكن حبل المشنقة .

نعم خطية صغيرة واحدة كافية لأن تثقب الحاجز الأدبي الذي يحول دون خطايا أخرى كثيرة.

Back