الوحي في الكتاب المقدس
الكتاب المقدس، كتابٌ موحى به من الله، وهو ليس مجرد كتابٌ كتبه رجال الله على مر
العصور، لكن الله هو الذي اختار هؤلاء الرجال وأوحى إليهم بالروح القدس ما أراد أن
يكتبوه، تاركاً لكل واحد أسلوبه الخاص الذي يعبر به عما أوحى به الله إليه.
والكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، هو القانون الوحيد المعصوم من الخطأ، والذي
من خلاله يُعلن الله عن نفسه، وعن مقاصده من جهة البشر، ويعتبر الكتاب المقدس سجلاً
عن إعلانات الله المتكررة التي يعلن فيها عن نفسه للإنسان على مدى العصور والأجيال.
كما أن الطابع الإلهي للكتاب المقدس يمكن إدراكه من اوجه كثيرة متعددة ويكفى أن
نقارن على سبيل المثال بين تعاليمه وأية تعاليم اخرى، فما أوسع الفارق بين آداب
الشرق القديم وبين الكتاب المقدس.
مصطلحات هامة
لكي نفهم المعنى المقصود من كلمة "الوحي" لابد من التعرض لمعرفة بعض المصطلحات التي
لها صلة بهذا الموضوع ،ومن هذه المصطلحات:
الإلهام
الإلهام ما هو إلا نتاج العقل البشري، وهو هبة من الله يمنحها لبعض البشر ويتجلى في
إبداع هؤلاء فيما يعملون سواء كانت أعمالهم أدبية أو موسيقية أو غيرها، ولا يعتبر
نتاج الإلهام وحياً من الله.
الإعلان
الإعلان هو كشف ما لا يمكن إدراكه بغير ذلك، وحين نتكلم عن الإعلان الإلهي فهو ما
يعلنه الله عن ذاته، ويكشف به عن شخصه ومحبته للإنسان الذي في محدوديته لا يمكنه أن
يتعرف على الله إلا من خلال ما يعلنه الله عن نفسه.
الوحي
الوحي هو تسجيل إعلان الله بطريقة خاصة، وتحت تأثير الروح القدس حتى يتطابق إعلان
الله عن نفسه، بصورة كاملة وواضحة يستطيع الإنسان من خلالها التعرف على الله وإقامة
علاقة صحيحة معه، والكتاب المقدس هو تسجيل خاص للإعلان عن شخص الله، كتبه أناس الله
الذين اختارهم هو لهـذه المهمة، لكنهم لم يكونوا ليكتبوا شيئاً من عندياتهم بل ما
أمرهم به الله كتبوه.
آراء خاطئة !
على مدى التاريخ ظهرت مفاهيم ونظريات كثيرة عن الوحي، كان لها صدى واضح في تشكيل
بعض الآراء، لذلك رأينا أن نقوم بعرض هذه الآراء ومناقشتها، لإدراك المفهوم الصحيح
عن الوحي:
نظرية الوحي الطبيعي
تتلخص هذه النظرية بإعطاء مكانة عالية للإنسان، فهي تنادي بأن الوحي ما هو إلا
بصيرة سامية لدى الإنسان وحس ديني مرهف، ومن خلال هذا الحس الديني يكتب الإنسان ما
هو روحي ليعالج به الروحيات، وهذه النظرية تساوي بين ما يكتبه الإنسان الروحي، وبين
كلمة الله، أي الكتاب المقدس والفارق بين الاثنين ضخم.
نظرية الوحي الجزئي
تنادي نظرية الوحي الجزئي، بأن الله منح الإنسان عند كتابة الأسفار المقدسة قدرة
خاصة على كتابة الحق فقط فيما هو خاص بالأمور الإيمانية وممارستها، أما عند كتابة
الأمور العلمية أو التاريخية فلم يحفظ الله كتبة الوحي من الخطأ، لذلك قد نجد بعض
الأخطاء العلمية والتاريخية في الكتاب المقدس، وهذه النظرية لا تفرق بين ما حفظه
الله، وبين ما أخطأ فيه الكاتب، وهذا أمرٌ يتعارض مع فكر وقول الكتاب نفسه حين كتب
الرسول بولس بالروح القدس قائلاً "كل الكتاب هو موحى به من الله" (2تيموثاوس 3:
16).
نظرية الوحي بالأفكار
يؤمن أصحاب هذه النظرية بأن الله قد أوحى بالأفكار التي يريد توصيلها للإنسان، وترك
مهمة صياغة هذه الأفكار، بالكلمات المناسبة للكاتب البشري، ويأتي عجز هذه الفكرة في
كونها غير منطقية فكيف يمكن أن نفصل بين الفكرة وكلماتها، أو كيف يُعبر الكاتب
البشري بصدق عن فكرة لم تصدر عنه، وهذه النظرية تتعارض أيضاً مع ما قاله الرسول
بولس لأهل كنيسة كورنثوس حين قال "ونحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله
لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله التي نتكلم بها أيضاً لا بأقوال تعلمها حكمة
إنسانية بل بما يعلمه الروح القدس .." (2 كورنثوس 2: 12، 13).
نظرية الوحي الإملائي
يؤمن أصحاب هذه النظرية بأن الله استخدم كتبة الأسفار المقدسة كمجرد أقلام، أو
أدوات فقط، تسجل ما هو يُملى عليها دون تفكير أو اعتبار لشخصية الكاتب أو مستواه
العلمي أو غير ذلك، وفي هذه النظرية لا نستطيع تفسير سبب الاختلاف الواضح بين أسلوب
كتابة موسى عن عاموس، أو بطرس عن بولس مثلاً، إذا كان كل منهم كتب ما أُمليَّ عليه
فقط.
نظرية احتواء الكتاب المقدس على كلمة الله
تعتبر هذه الفكرة من أخطر الأفكار إذ يقول أصحاب هذه النظرية، أن الكتاب المقدس ما
هو إلا كتابٌ بشري، وهم ينادون بالتفرقة بين ما هو كلمة الله، والكلمة المكتوبة،
ويزعمون بأن الكتاب المقدس يحتوى على حق الله، وهم بذلك يعتبرون بأن الكتاب المقدس
كتاب بشري، كتبه البشر، لكنه في نفس الوقت يحتوى على رسالة هذه الرسالة هي كلمة
الله، فخلف الكلمات البشرية المسجلة في الكتاب المقدس تكمن رسالة إلهية هي رسالة
الله وكلمته. وهكذا فإن هذه لا تفصل بين كلمة الله، والكلمة المكتوبة، فإذا لم تكن
كلمة الله المنطوقة مساوية لكلمات الكتاب المقدس المكتوبة، فمن هو الذي يُحدد لنا
كلمة الله الموجودة في الكتاب المقدس؟، كما أن أصحاب هذه النظرية وهم يؤمنون بأن
الكتاب يحتوي على كلمة الله، فإنهم حين يدافعون عن القضايا الدينية فإنهم يسرعون
للاقتباس من الكتاب المقدس، فكيف
وهم لا يؤمنون بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله، ينادون بما لا يؤمنون؟.
الوحي من منظور كتابي !
إذن ما هو المقصود "بوحي الكتاب المقدس"؟، وبماذا يتكلم الكتاب نفسه عن هذا الأمر؟.
يكتب الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس قائلاً "كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع
للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر لكي يكون إنسان الله كاملاً
متأهباً لكل عمل صالح " (2تيموثاوس 3 : 16). وكان الرسول بولس يوصي تلميذه تيموثاوس
قبل هذه الآية مؤكداً على حقيقة هامة وهى انه يجب عليه أن يتمسك بالكتب المقدسة
القادرة على أن تحكمه للخلاص بالإيمان الذي في المسيح يسوع، ثم يردف قائلاً أن كل
الكتاب هو موحى به من الله، وهذه العبارة الأخيرة "موحى به من الله" تأتي في اللغة
اليونانية الأصلية "ثيوبينستوس qeopenstoV"، وفي اللغة الإنجليزية " Theopneustos"،
وهي كلمة مركبة من "Theo"بمعنى الله، "pneustos" بمعنى نفخ، وتركيب الكلمة في الأصل
اليوناني يأتي في المبني للمجهول، وعليه تكون ترجمة "موحى به من الله" أي "نُفِخت
من الله"، بمعنى أن الكتب المقدسة صيغت بروح الله.
إن الدراسة المتأنية لكلمات العهد القديم نجد أن كتبة الوحي المقدس يستخدمون عبارات
"هكذا تكلم الرب" أو ما يناظرها مثل "وقال الرب" وكانت كلمة الرب إليَّ"، أكثر من
3800 مرة، بالإضافة لما يقوله الكتاب نفسه أن هذه الكلمات هي كلمات الله بذاته،
"وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به" (تثنية 18: 18)، أو "ومد الرب يده
ولمس فمي وقال الرب لي ها قد جعلت كلامي في فمك" (أرميا 1: 9). والسبب الرئيسي
لاستخدام كتبة الأٍفكار المقدسة لمثل هذه العبارات"، إنما لتدل على أن الكلام الذي
يتكلم به النبي ليس إلا كلام قد أوحى به الله إليه ليعلنه للبشر.
لذلك فحينما يستخدم الرسول بولس التعبير الذي يصف الكتاب المقدس بأنه نفخة من الله،
فهو تعبير قويٌ يريد أن يُفِهم تلميذه تيموثاوس أن الكتاب المقدس هو كتابٌ جديرٌ
بالثقة، وهو الذي يستطيع أن يقوده لطريق الخلاص الأكيد فهو الكتاب المقدس، الذي جاء
إلى الوجود بنفخة الله، وهو يستمد أصوله من الله، الواحد الحي.
ويستخدم الرسول بطرس ذات الفكرة للدلالة على أن الكتاب المقدس لم يأت بجهد بشراً
حاولوا أن يصيغوا تعاليمه، أو مفهومه عن الله، بل أن هؤلاء البشر الذين استخدمهم
الله في كتابة الكتاب المقدس كانوا مسوقين بالروح القدس، فيقول "لأنه لم تأت نبوة
قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2بطرس1 : 21).
ومعنى مسوقين من الروح القدس، محمولين بالروح القدس، فقد كان الله هو المصدر
والينبوع الحقيقي والوحيد لما كتبه كًتَّاب الوحي جميعاً، ومع أن بولس يوضح أن
الكتاب المقدس هو نفخة الله، إلا أن بطرس يُظهر الطريقة التي جاء بها هذا الكتاب
للوجود، فلقد استخدم الله مجموعة من الناس ليسجلوا جميعاً ما أراد أن يقوله
للإنسانية، مع قدرته في أن يحفظهم من خلال الروح القدس في أن يكتبوا ما يقوله هو
لهم، وقد استخدم الله ما في هؤلاء من وزنات أو ملكات خاصة، ليأتي الكتاب المقدس في
صورته الرائعة، ليجمع في أسلوب كتابته بين النثر والشعر، والقصة والأمثال، والتاريخ
وغيرها، كذلك نجد أسلوباً راقياً كأسلوب بولس وسليمان، وأسلوباً بسيطاً كعاموس،
وبطرس.
وهكذا نرى إن الكتاب المقدس مصدره الله وليس الإنسان، وأن الروح القدس هو الذي نفخ
به وأخرجه، لذلك نجد أن السيد المسيح حينما جاءه المجرب ليجربه، وبخه بكلمة الله،
قائلاً "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (متى 4 : 4)، و
من الجهة الأخرى فإن الله حين عبَّر عن كلمته استخدم بشراً أحياء، لهم شخصياتهم،
وأسلوبهم الخاص المتميز كلٌ عن غيره، فهو لم يستخدم أدوات جامدة لا حِراك فيها، ومع
ذلك كانوا مسوقين من الروح القدس ليسجلوا ما أراده الروح القدس أن يسجلوا فجاء
الكتاب المقدس كلمة الله، ورسالة محبته للعالم أجمع.
ومع أن الله هو الذي أوحى بالكتاب المقدس وحياً كاملاً ومطلقاً، إلا أن "الوحي
الكامل المطلق" لا يستلزم أن تكون كل عبارة أو فقرة في الكتاب المقدس هي تعبيراً عن
الحق أو تمثل الحق الكامل، فمثلاً الكلام الذي تكلَّم به الشيطان إلى حواء قد سجله
الوحي المقدس، لكنه ليس هو الحق (تكوين 3: 4،5)؛ كذلك ما اقترحه بطرس على السيد
المسيح في (متى 16: 22)؛ أو ما فعله داود حين قتل أوريا الحثي وما فعله مع زوجته
بثشبع لاحقاً (2 صموئيل 11: 2 – 27)؛ أو الأفكار الخاطئة لأصحاب أيوب (أيوب
7:42-9)؛ أو أكاذيب بطرس عند إنكاره للمسيح (مرقس66:14-72). فرغم أن كل هذا وغيره
مسجل في الكتاب المقدس فهي مُسجلة بالوحي، وتسجيلها في الكتاب المقدس تم بوحي من
الروح القدس، إلا أن هذا لا يعبر عن كون هذه الأحداث أو الأفعال حق يجب اتباعه، بل
سُجلِت لكي تكون عبره لنحذر منها ولنتعرف على فكر الله من جهتها.
كما أن الاعتراف بأن الكتاب موحى به وبكلماته "لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان بل
تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2 بطرس1: 21)، فليس معنى ذلك أن
الوحي الحرفي كان مجرد إملاء أو عملية ميكانيكية. وعندما نقول بالوحي الحرفي فإن
المقصود هو أن الروح القدس سيطر على استخدام الكاتب للكلمات التي كتب بها الأسفار
المقدسة. وطبيعة الوحي لا يمكن إدراك دقائقها، فهي بمثابة سر من أسرار الله.
معجزة الوحي
تأتي معجزة الوحي في الكتاب المقدس من الصورة المذهلة التي تحققت من خلالها النبوات
التي سبق وتنبأ بها وكتبها رجال الله، في حين أنهم لم يعرفوا على وجه الدقة المعنى
الدقيق والمقصود من هذه النبوات، فمثلاً نجد في العهد القديم نحو 300 نبوة عن شخص
السيد المسيح، كُتِبت قبل ميلاده بآلاف السنين وتحققت حرفياً وكاملة فيه، فمثلاً
وعلى سبيل المثال ليس الحصر: تكلم بلعام بن بعور بهذه النبوة التي لم يفهمها حين
نطق بها فقال "وحي الذي يسمع أقوال الله ويعرف معرفة العلي الذي يرى رؤيا القدير
ساقطاً وهو مكشوف العينين أراه ولكن ليس ألان أبصره ولكن ليس قريباً يبرز كوكب من
يعقوب ويقوم قضيب من إسرائيل فيحطم طرفي موآب ويهلك كل بني الوغى ويكون أدوم
ميراثاً ويكون سعير أعداؤه ميراثاً .." (العدد 24: 16 - 19). ومن المعروف أن هذه
النبوة كان المقصود بها شخص الرب يسوع المسيح.كذلك جاءت نبوات توضح أن المسيح
المخلص سوف يأتي:
من نسل المرأة في (تكوين 3: 15)"وأضع عداوة بينك و بين المرأة وبين نسلك ونسلها هو
يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه"، وقد تحققت هذه النبوة في (غلاطية 4: 4)"ولكن لما جاء
ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة ".
مولوداً من عذراء في (إشعياء 7: 14) "ولكن يعطيكم السيد نفسه آية ها العذراء تحبل
وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل"، وقد تحققت في (متى 1: 18، 23، 25، لوقا 1: 26 -
35) "هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا"
(متى 1: 23).
من نسل إبراهيم واسحق ويعقوب في (تكوين 22: 18، 21: 21 ) "ويتبارك في نسلك جميع أمم
الأرض من اجل انك سمعت لقولي"، وقد تحققت في (متى 1: 1- 2، لوقا 3: 23، 33، 34،
غلاطية 3: 16) "كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم" (متى 1:1).
من سبط يهوذا في (تكوين 49: 10) "لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى
يأتي شيلون وله يكون خضوع شعوب" وقد تحققت في (لوقا 3: 23، 33، عبرانيين 7 : 14)
"فانه واضح أن ربنا قد طلع من سبط يهوذا الذي لم يتكلم عنه موسى شيئا من جهة
الكهنوت" (عبرانيين 7: 14).
من عائلة يسى في (إشعياء 11: 1، ميخا 5: 2) "ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من
أصوله"، وقد تحققت في لوقا 3: 23، متى 1: 6).
من بيت داود في (أرميا 23: 5، 2صموئيل 7: 16، مزمور 132: 11)، وقد تحققت في (لوقا
3: 23، 18: 38 - 39، متى 1: 1، 9: 27، أعمال الرسل 13: 22 - 23، رؤيا 22: 16).
ويولد في بيت لحم في (ميخا 5: 2) "أما أنت يا بيت لحم أفراتة وأنت صغيرة أن تكوني
بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطا على إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ
أيام الأزل" وقد تحققت في (متى 2: 1، 4- 8، لوقا 2: 4- 7) "..سألهم أين يولد المسيح
فقالوا له في بيت لحم اليهودية".
يدعى رباً، ونبياً وكاهناً في (مزمور 110: 1، تثنية 18: 18، مزمور 110: 4) وتحققت
في لوقا 2: 11، 20: 41- 44، متى 21: 11، عبرانيين 3: 1).
يُصلب مع آثمة، وتثقب يداه ورجلاه، في (إشعياء 53: 12، مزمور 22: 16، وزكريا 12:
10) وقد تحققت في (متى 27: 38، مرقس 15: 27، لوقا 23: 33، يوحنا 20: 25).
يقوم من الموت ويصعد إلى العلاء في (مزمور 16: 10، مزمور 30: 3، مزمور 68: 18) وقد
تحققت في (أعمال الرسل 2: 31، 13: 33، لوقا 24: 46، أعمال الرسل 1: 9).
شهادة المسيح والرسل للوحي
تكلم السيد المسيح كثيراً عن وحي الكتاب المقدس، وشهد أن كل الكتاب هو موحى به من
الله، وقد تناول عدة أمور ليشهد بها أن:
الناموس كلام الله
وكلام الله لا يزول "فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف
واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل" (متى 5 : 18)، وأكد ذلك حين قال
"ولكن زوال السماء والأرض أيسر من أن تسقط نقطة واحدة من الناموس" (لوقا 16 : 17).
الكتب تشهد له
يؤكد السيد المسيح وحي الكتب المقدسة إذ أنها تتكلم وتشهد عنه حتى قبل ميلاده بآلاف
السنين، فيقول في رده على الفريسيين بعدما شفى مريض بركة بيت حسدا، "فتشوا الكتب
لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية وهي التي تشهد لي" (يوحنا 5 : 39). وبعد
قيامته، وفي مقابلته مع تلمذيه في الطريق إلى عمواس "..قال لهم هذا هو الكلام الذي
كلمتكم به وأنا بعد معكم انه لا بد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى
والأنبياء والمزامير حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب" (لوقا 24: 44،45).
المسيح يقتبس من الكتب المقدسة
اقتبس السيد المسيح كثيراً من الكتب المقدسة، والأنبياء، من هذه الاقتباسات،"أفما
قرأتم ما قيل لكم من قبل الله القائل أنا اله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب ليس
الله إله أموات بل إله أحياء" (متى 22: 31، 32، مرقس 12: 26، 27)؛ وغير ذلك الكثير
مما اقتبسه المسيح من الأسفار المقدسة.
وعلى منوال السيد سار التلاميذ والرسل فشهدوا أن الكتب المقدسة موحى بها من الله،
ولم تأتِ نبوة قط من إنسان، بل ما كتبوه هم أيضاَ لم يكن من عندياتهم، لكنهم كتبوا
ما أراد الله أن يكتبوه.
اقتباسات من العهد القديم
كثيرة هي الاقتباسات التي استخدمها الرسل وكتبه العهد الجديد ليؤكد وحي وصدق ما
كتبه الأنبياء في العهد القديم، من هذه الاقتباسات "فان هذا هو الذي كتب عنه ها أنا
أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك" (متى 11 : 10 – قارن ملاخي 3: 1)، "و
هذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل* 23 هوذا العذراء تحبل و تلد
ابنا و يدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا" (متى 1: 22،23 قارن إشعياء 7:
14)؛ وغير ذلك الكثير.
شهادة الرسل لوحي العهد الجديد
يسجل الرسل مراراً أن ما كتبوه لم يكن إلا كلام الله ولنا مثال ما كتبه الرسول بولس
حين قال "انه بإعلان عرفني بالسر كما سبقت فكتبت .." (أفسس 3: 3)، "إن كان أحد يحسب
نفسه نبياً أو روحياً فليعلم ما اكتبه إليكم انه وصايا الرب" (1كورنثوس 14: 37).
كما أكد يوحنا الرائي أن ما يكتبه هو ما يأمر به الله فيقول "كنت في الروح في يوم
الرب وسمعت ورائي صوتا عظيما كصوت بوق قائلا أنا هو الألف و الياء الأول و الأخر
والذي تراه اكتب في كتاب" (رؤيا 1: 10، 11 - قارن رؤيا 1: 19، 2: 1، 8، 12، 18، 3:
7).
الرسل يشهدون لكتاب بعضهم البعض
نجد الكثير من شهادات الرسل وكتبة العهد الجديد لبعضهم البعض إنما ليؤكد أن جميعهم
كتب بوحي من الله وليس هناك مجال للشك في وحي ما كتبه كتبة العهد الجديد فيقول
الرسول بطرس عن كتابات بولس الرسول "واحسبوا أناة ربنا خلاصاً كما كتب إليكم أخونا
الحبيب بولس أيضاً بحسب الحكمة المعطاة له" (2بطرس 3: 15).
كتب البشير يوحنا "هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا وكتب هذا و نعلم أن شهادته حق"
(يوحنا 21: 24)؛ وشهد يوحنا الحبيب عن يوحنا المعمدان قائلاً "يوحنا شهد له ونادى
قائلا هذا هو الذي قلت عنه أن الذي يأتي بعدي صار قدامي لأنه كان قبلي" (يوحنا 1 :
15)؛ وأخيراً يؤكد الروح القدس أن ما كتبه يوحنا الرائي هو شهادة حق فيقول "الذي
شهد بكلمة الله وبشهادة يسوع المسيح بكل ما رآه" (رؤيا 1: 2).
شهادة آباء الكنيسة للوحي
على مر العصور والتاريخ الكنسي تأتي شهادات المؤرخين وآباء الكنيسة لتشهد لصدق
الوحي ولتؤكد إيمان الكنيسة في الكتاب المقدس ووحيه الإلهي، من هذه الكتابات:
"كل الكتاب هو نفخة الله ونافع للتعليم من كل وجه، ولعل أفضل ما يفعله الإنسان
ولخير نفسه أن يفتش الكتب المقدسة" يوحنا الدمشقي.
"في كلمات الكتاب الرب هناك" القديس أثناسيوس.
"إن الكتب المقدسة كاملة، إذ هي صادرة من الله وروحه، حتى وإن عجزنا عن إدراك
أسرارها" القديس إيريناوس.
".. حتى لا يلزم أن نتصور أن اللغة صادرة من الرجال الموحى إليهم بل من الكلمة
الإلهية المحركة لهم" جاستن مارتر Justin Martyr.
"كل ما تقوله الكتب الإلهية هو صوت الروح القدس" غريورس النيسي.
"ومن اجل ذلك يجب أن نخضع وأن نقبل سلطان الكتب المقدسة التي لا يمكن أن تخدع أو
تُخدع" القديس أوغسطينوس.
-----
عن موقع النور