لماذا نجد أن الكثيرين يؤمنون بأنه يوجد إله واحد، ولكن لا يقبلون وجود وسيط واحد بين الله والناس، بل عوضا عن هذا يقبلون وسطاء كثيرين آخرين؟
إن
غرض الشيطان هو أن يرى الناس بعيدين عن الله وعن الحق، فهو يستخدم كل الوسائل
لإبعادهم عن الصراط المستقيم، فتارة يستخدم الشك وتارة يستخدم الدين. وقد قال
المسيح في هذا الصدد: "ليس كل من يقول يارب، يارب! يدخل ملكوت السموات، بل الذي
يعمل إرادة أبي في السموات" (إنجيل متى 21:7).
إن حرية التفكير بمعناها الحقيقي تلعب دورا هاماً في النشأة الفكرية التي يتربى بها
الفرد، فمثلا شاب قبل إيمانه تربى في مجتمع يتمتع بحرية الفكر وحرية المعتقد غالباً
إذا آمن يكون شخصا يعرف لماذا يؤمن، ولماذا يحتاج إلى وسيط بينه وبين الله. أما إذا
أخذنا شخصا تربى في مجتمع منغلق على نفسه يتحدث عن الحريات ولكن لا يطبق هذا عمليا،
فغالبا ما يكون متعصباً يتهم الآخرين بالنقصان والتحريف وينعتهم بشتى الإتهامات دون
أن يكون مطّلعا على الحقائق. من هنا تأتي مشكلة تعدد الوسطاء، وكل يدّعي أنه يؤمن
بالوسيط الحقيقي.
قال بولس الرسول: "فإن الله واحد، والوسيط بين الله والناس واحد، وهو الإنسان
المسيح يسوع" (1تيموثاوس 5:2). كذلك قال المسيح نفسه: "أنا هو الطريق والحق
والحياة. لا يأتي أحد إلى الآب إلا بي" (يوحنا 6:14).
للخروج من هذا المأزق لابد للفرد أن يعرف الشروط والأوصاف التي يجب أن يتميز بها
الوسيط الحقيقي بين الله والناس. كما أنه على الفرد أن يفحص نفسه أمام الله ويرى هل
هو يحتاج إلى الله أم إلى مجرد التدين، إن مجرد التدين لا يعطي الإنسان أية ثقة أو
ضمانة من جهة حياته الأبدية.
ونحن نشكر الله أنه لم يتركنا يتامى أو ضالين مغضوبين عليهم، بل أرسل المسيح من أجل
هذا الغرض، والكتاب المقدس يخبرنا صراحة بهذا الخبر السار، وما علينا إلا أن نفتش
الكتب كما قال المسيح له المجد: "فتشوا الكتب" (يوحنا 39:5).