س: ما ذا قصد الله بشريعة "العين بالعين والسن بالسن" في الناموس؟ وكيف أكمل المسيح هذه الشريعة في الإنجيل؟

ج: مكتوب في سفر الخروج "وإذا تخاصم رجالٌ وصدموا امرأةً حُبلَى فسقط ولدها ولم تحصل أذية يُغرَم كما يضع عليهِ زوج المرأة ويدفع عن يد القضاة. وان حصلت اذيَّة تُعطى نفساً بنفسٍ وعيناً بعينٍ وسنًّا بسنٍّ ويداً بيدٍ ورجلاً برجلٍ وكيًّا بكيٍّ وجرحاً بجرحٍ ورضًّا برضٍّ."

هنا يضع الله شريعة لحماية المظلومين الضعفاء من الأذى الذي يقع عليهم من الأقوياء، وإنذار الأقوياء أن الله موجود وهو يحمي الضعفاء وينتقم من الأقوياء، والأقوياء هنا هم الرجال المتخاصمين، والضعيفة المظلومة هي المرأة الحبلى التي صدمها الرجال المتخاصمين والشريعة في العهد القديم تقول "إنه إن لم تحصل أذية يغرم الأقوياء كما يضع عليهم زوج المرأة ويدفع عن يد القضاة" لكن إن حصلت أذية فيكون العقاب مساو للأذية.

وهنا أراد الرب أن يعلم شعبه أن لا يتمادوا في العقاب، وهذا ما يحدث كثيرا في أوقات الغضب والانفعال، لذلك حدد الرب لشعبه في العهد القديم أن العقاب يكون مساو للخسارة ولا يتعداها، لذلك يقول "عينا بعين وسنا بسن ويدا بيد ورجلا برجل وكيا بكي وجرحا بجرح ورضا برض."

س: لكن هل شريعة العين بالعين والسن بالسن هي في حالة المرأة الحبلى فقط؟

ج: كلا، ففي سفر اللاويين في التوراة يعمم الرب هذه الشريعة فيقول "وإذا أحدث إنسانٌ في قريبهِ عيباً فكما فعل كذلك يُفعَل بهِ. كسرٌ بكسرٍ وعينٌ بعينٍ وسنٌ بسنٍّ. كما أحدث عيباً في الإنسان كذلك يُحْدَث فيه."

وهنا يؤكد الله أن ما يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضا، فالشر يؤذي الشرير لعل الشعب يتحذر ويبتعد عن الشر وشبه الشر أيضا. ويتم تنفيذ هذه الأحكام عادة بواسطة القضاة ، وكما قرأنا في سفر الخروج في حالة المرأة الحبلى ونقرأ عن القضاة أيضا في سفر التثنية في التوراة. "إذا قام شاهد زورٍ على إنسانٍ ليشهد عليهِ بزيغٍ يقف الرجلان اللذان بينهما الخصومة أمام الرب أمام الكهنة والقضاة اللذين يكونون في تلك الأيام. فإن فحص القضاة جيّداً وإذا الشاهد شاهدٌ كاذبٌ قد شهد بالكذب على أخيهِ فافعلوا بهِ كما نوي أن يفعل بأخيهِ. فتنزعون الشرَّ من وسطكم. ويسمع الباقون فيخافون ولا يعودون يفعلون مثل ذلك الأمر الخبيث في وسطك. لا تشفق عينك. نفسٌ بنفسٍ. عينٌ بعينٍ. سنٌّ بسنٍّ. يدٌ بيدٍ. رجلٌ برجلٍ"

س: ولكن هل هذه الشريعة كانت تنفذ باستمرار في العهد القديم؟

ج: كلا، وتنفيذها كان في حالات خاصة، ونادرة جدا يتدخل فيها الله بالحكم ويستخدم الرؤساء أو الملوك في تنفيذها مثلما استخدم "يشوع" في إبادة بيت "عخان بن كرمي" مكدر إسرائيل، أو استخدم "داود" في قتل الغلام الذي شهد عن نفسه أنه قتل "شاول" ملك إسرائيل، وأيضا في قتل الرجلين اللذين قتلا "ايشبوشث" الذي ملك على إسرائيل بعد "شاول" أبيه.

س: إذا لماذا أعطى الله هذه الشريعة لليهود والله يعلم أنه من الصعب جدا تنفيذها؟

ج: كما ذكرنا سابقا أنه لطفولة البشرية في العهد القديم، لذلك لا يستطيع الله أن يعطيهم الحق الكامل لكنه يعطيهم شريعة تقربهم للحق وتقودهم إليه، ففي هذه الشريعة المعطاة لهم علمهم الله أن الشر مكلف والخطية خاطئة جدا ومؤذية للإنسان، وعلمهم أيضا عدم التمادي في الانتقام، وعلمهم الخضوع للكهنة والقضاة لأنهم يمثلون الرب، وعلمهم أن الله يحمي الضعفاء ويعاقب المذنبين وهكذا إلى أن جاء ملء الزمان، … و"أخلى -المسيح- نفسه آخذا صورة عبد صائراً في شبه الناس. وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب." فدفع ثمن خطايانا وصالحنا مع الله بدم الصليب، وإذا آمنا به وبكل ما عمله لأجلنا لفدائنا وتبريرنا وتقديسنا، انسكبت محبة الله في قلوبنا بالروح القدس، فصرنا شركاء الطبيعة الإلهية، وتمكن المسيح أن يعلمنا الوصية الكاملة بقوله لنا "سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن. وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر. بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضاً." وهكذا نقرأ عن هذا الموضوع أيضاً في العهد الجديد "لا تجازوا أحداً عن شرّ بشرٍّ." "لا تنتقموا لأنفسكم أيُّها الأحباءُ بل اعطوا مكاناً للغضب . لأنهُ مكتوبٌ لي النقمة أنا أجازي يقول الربُّ. فإن جاع عدوُّك فاطعمهُ. وإن عطش فاسقهِ. لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نارٍ على رأسهِ. لا يغلبنَّك الشرُّ بل اغلب الشرَّ بالخير"

فهذا هو الإيمان أن يثق الإنسان في سيادة الله على الشر والأشرار ويسلم نفسه لله القادر أن ينصف المظلومين كما قال موسى للشعب القديم وهم خارجون من أرض مصر: "لا تخافوا. قفوا وانظروا خلاص الرب الذي يصنعهُ لكم اليوم... الرب يقاتل عنكم وانتم تصمتون." وهذه هي الحياة المسيحية التي لا ينتقم فيها الإنسان لنفسه بل يترك النقمة للرب الكاشف القلوب والمختبر الكلى، وكل ما علينا أن نفعله تجاه الشر هو ان نفعل الخير فبذلك لا يغلبنا الشر فيضيع أجرنا لكن نغلب الشر بالخير فننال اجراً تاماً.

وقد قدم المسيح له كل المجد أعظم مثال في الانتصار على الشر بالخير، فحينما صلبوه قال يسوع "يا أبتاهُ اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون." وكما علمنا المسيح بسلوكه وكلامه ينبغي أن نفعل نحن أيضا هكذا. آمين

Back

رجوع الى الصفحة الرئيسية